“من الحب والشغف إلى عوالم الترجمة والشعر: قصة أمل الشربيني
حوار : خالد محمود
من الشغف والتفاني، ترتسم مسارات الإبداع، ومن بين تلك المسارات، نجد قصة فريدة تتجلى في عالم الترجمة والأدب. هنا علي صفحات الجمهورية والعالم، نلتقي بأمل الشربيني، المترجمة المتألقة والشاعرة المتحمسة، التي أضاءت دروب اللغات بريشة قلمها وأحاسيسها الصادقة.
تجربة أمل الشربيني بدأت في بيت جدها، حيث تلقت أولى دروس القراءة والكتابة، لتتفتح لاحقاً أفقها نحو عالم الترجمة والأدب. بين ترجمة الأخبار والقصائد، وبين الجهد والإصرار، وجدت أمل طريقها نحو تحقيق أحلامها وتطلعاتها الأدبية.
لكن الرحلة لم تكن خالية من التحديات، خاصة عندما تنغمس في ترجمة الشعر، فالشعر يعبر عن عوالم متشعبة وأفكار عميقة تتطلب فهماً عميقاً وحساسية فائقة. ومع كل تحدي تتعلم أمل، وتنمو، وتتطور في قدراتها على التعبير عن النصوص الأدبية بجمال وعمق.
وكما ترجمت النصوص، أرادت أمل أن ترسم بأبياتها قصائداً تعبر عن الإنسان ومعاناته وتطلعاته في الحياة، فتجسدت في شعرها صوت المرأة الشرقية، تارة تنطلق بجرأة وتحرر، وتارة أخرى تحمل هموم الواقع والتقاليد.
ومن هنا، تبرز دور المرأة في عالم الشعر كمنارة تضيء طريق الفكر والتعبير، وتنطلق بأصوات تترجم حقائق وأحاسيس تعيشها المرأة بكل تجلياتها.
وفي هذا الحوار، نتعرف أكثر على قصة أمل الشربيني، ونغوص في عوالمها المترجمة والشعرية، لنكتشف جمال اللغة وعمق الإحساس الذي تنبعث من كلماتها وصوتها.
مرحباً أمل! بدايةً، يمكنك أن تشاركينا بقصتك مع عالم الترجمة والأدب، وما الذي دفعك للاهتمام بهذا المجال؟
البداية كانت في بيت جدي لأمي حيث قضيت طفولتي، وقد كنت في مكانة شديدة التميز كوني الحفيدة الأولى فلقيت أكبر قدر من محبة واهتمام جميع أفراد العائلة.
كان جدي موظفا حكوميا، وجزء من روتينه اليومي التفرغ لقراءة الجريدة بعد الغداء وقبل القيلولة.
هو من علمني القراءة قبل أن ألتحق بالمدرسة، ودربني على قراءة الجرائد القومية، وشرح لي ما عصي عقلي على فهمه بصبر وأناة، بل أسعده أنني أسأل بدلا من أردد ما أقرأ كالببغاء. الوظيفة الأولى في حياتي لوقت مجتزأ كانت مهمة قراءة الجريدة كاملة لجدي وأنا في سن السابعة كل جمعة.
حفظت من القرآن جزءا واحدا فقط، لكن أثره كان قويا وجليا في التدرب على مهارات القراءة السليمة.
جمع أخوالي كتبا متنوعة في الأدب والفن والعلوم من أسواق الكتب القديمة النادرة، وكنت أنا الوحيدة المسموح لي بالاستعارة من مكتبتهم.
بعد قراءة الكثير من روايات الجيب والمجلات المصورة للأطفال، وجدتني فجأة فاقدة الشغف بها. جذبتني رائحة الكتب القديمة بورقها البني الداكن اللامع، كأن حكاياتها تهمس لي وحدي وتعدني أن أجد فيها ضالتي.
في البداية كان الأمر مخيفا، والدرب مستوحشا، وكلما فتحت كتابا، ظننت أني غير قادرة على استيعاب ما أقرأ. إلى أن أقبلت عليها بجرأة، ثم أدمنت بعدها قراءة القصص والروايات، ومن بينها الأعمال العالمية المترجمة التي نقلتني من عالمي إلى عوالم أرحب وأكثر غرابة ودهشة.
في طريقك نحو الترجمة الأدبية، ما هي المعايير التي حددتيها لنفسك؟ وكيف تعاملتِ مع تحديات ترجمة الأعمال الأدبية؟
حين قرأت الروايات المترجمة في الطفولة، جنبا إلى جنب مع أعمال روائية كبرى، وجدت في لغتها من السهولة ما جعلني أفضلها وأؤثرها. لكنني حين نضجت، وبلغت المرحلة الثانوية، وكنت حينئذ مولعة بالشعر، تمنيت لو تترجم الروايات بلغة عربية ساحرة كتلك التي نقرؤها في رواياتنا. وقتها لم أعرف بعد ماذا أحب أن أكون في المستقبل، لكن ميلي إلى الأدب والقراءة دفعني للالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة القاهرة. وقررت أن تكون الترجمة مساري المهني، وبوجه خاص الترجمة الأدبية.
أعاقني سفري بعد التخرج من الالتزام بطموحي، واتجهت لدراسة الترجمة القانونية وإدارة الأعمال، وعملت بمجال إدارة عقود الشركات لأكثر من عشرة أعوام. وحين استقلت وعدت إلى مصر، عاد إليّ طموح الماضي، وبدأت العمل في الترجمة الأدبية وكتابة الشعر. صدرت لي ترجمتان عام 2022، وانتهيت للتو من ترجمة رواية ثالثة، وهي واحدة من الأعمال الهامة التي حصلت على جائزة كبرى عام 2023 .
تحدثتِ عن رغبتك في تخصص الترجمة الأدبية، ما الذي يميز تجربتك في هذا المجال عن تجاربك السابقة في الترجمة الإخبارية والتقنية؟
أعترف أن المعايير التي وضعتها لمشروعي في الترجمة كانت قاسية وصارمة. الثبات على تلك المعايير أخرني كثيرا لكنني لم أندم أبدا على التزامي بها، رغم ذلك. لكنني مؤمنة بأن الترجمة الأدبية بالنسبة لشاعر يجب أن تكون رفاهية وشغف وحالة استثنائية من السعادة والإلهام.
في بداية مشواري كمتدربة، عملت في مشروع ترجمة جماعي لدار جرير السعودية لنقل جميع أعمال ديل كارنيجي للعربية. في الوقت نفسه، تدربت على الترجمة الإخبارية في قطاع الأخبار بماسبيرو. بعدها عملت في دور نشر بدوام كامل في مشاريع جماعية لمجموعة من أشهر الكتب في الصحافة والآثار والطب.
ترجمت أيضا مجلات رياضية وسياحية عالمية متخصصة تابعة لدور نشر عربية شهيرة.
ثم كانت المحطة الأخيرة حين هاجرت إلى دولة خليجية وتخصصت في الترجمة التجارية والقانونية.
قد يظن البعض أنني أبالغ إن قلت أن تلك هي الوصفة السحرية للمترجم الأدبي الناجح القادر على إتقان لغة راقية غير معقدة واكتساب قاموسه اللغوي الخاص الذي يميزه عن أي مترجم آخر، مع التمكن من الحفاظ على السياق وعدم إغفال التفاصيل والإبقاء على نبرة صوت الكاتب وشخصياته.
الوصفة باختصار هي قراءة الكثير من الأعمال الأدبية الأصيلة والتجريب في ترجمات متنوعة علمية، أو غير أدبية، كي تكتمل جوانب رؤية النص المطلوب ترجمته، أيا كان نوعه. لا سيما أن النص الأدبي هو في جوهره خليط من كل ذلك، والرواية في حد ذاتها متعددة الشخصيات والأصوات أحيانا، ووارد جدا أن يحتاج المترجم للبحث في سياقات غير أدبية ليفهم مغزى كلمة ما أو جملة ما.
يصعب الأمر أكثر حين تتناول ترجمة الشعر، ذلك أن النص الشعري متعدد السياقات والتأويلات، وتجمله فلسفة أعمق ويبلغ مستويات من التكثيف أكثر تعقيدا.
وقد صعبت الأمر على نفسي فيما يتعلق بترجمة الشعر، أسوة بأستاذي الذي درسني علم الترجمة، الدكتور محمد عناني، وأخذت على عاتقي ترجمة الشعر الإنجليزي إلى نص شعري عربي له موسيقى وقافية مع الحفاظ على المعني، سطر بسطر، وليس مجرد المعنى الأشمل للقصيدة.
حين بدأت العمل في الترجمة الأدبية، أخذت قراري، أولا، بألا أترجم غير الأعمال الإنجليزية في نصها الأصلي، وقد كانت لي تجربة أولى وحيدة لترجمة نص وسيط، ولن أعيدها. وثانيا، ألا أترجم نص سبق ترجمته، إلا أنني وضعت استثناءً واحدًا: أن يكون عملا ترجم في نسخة وحيدة، سيئة وخارجة عن النص. وطبعا يسعدني كثيرا أن تتاح لي فرصة ترجمة عمل عظيم لم يصل للقاريء العربي كما هو، أو أن يكون المترجم قد تدخل فيه بما تجاوز حدود الترجمة. ثالثا، ألا أترجم غير الأعمال الأدبية، فقد كانت لي تجربة في ترجمة كتب السيلف هيلب أو ما نسميه بالتنمية البشرية، لكنها لم تضف إلى مشروعي قيمة. وبطبيعة الحال، يصعب أن يكون المترجم انتقائيا، وقد تتصادم معاييره مع معايير سوق النشر، لكنني ورغم كل الصعوبات، واثقة من سيري على خطىً متروية ومدروسة في طريق تنفيذ مشروعي في الترجمة لأنه متصل بمشروعي الأدبي ككل.
فيما يتعلق بترجمة الأعمال الأدبية، هل تعتقدين أن هناك تحديات محددة تواجه المترجمين العرب؟ وكيف يمكن التغلب على هذه التحديات؟
لا شك أن الكثير من الصعوبات تواجه المترجم إلى العربية، وخاصة ما سبق أن ذكرته عن أولويات الناشرين. فهناك من يرغب في إعادة استنساخ ترجمات قديمة، بأغلفة جديدة، لبيع كثير من النسخ. وفي هذا تستهدف دور النشر روائيين بأعينهم، نالوا شهرة واسعة وحصلوا على جوائز كبري. فينتهي الأمر بالمترجم أن يقرأ النسخ المترجمة السابقة ثم يعيد تدويرها ويضع عليها اسمه. هذه ليست ترجمة، بل جريمة مكتملة الأركان. وقد يلجأ الناشر إلى مترجم لغة إنجليزية لترجمة رواية بلغة أخرى، فيعمل المترجم على النص الوسيط (مثلا أن تكون الرواية بالأسبانية في أصلها، ومترجمة إلى الإنجليزية) وتخرج الرواية منحرفة عن سياق نصها الأصلي. ويرجع ذلك إلى أن أتعاب المترجم من الإنجليزية بالضرورة أقل من تكلفة المترجم من لغات أخرى نادرة.
المادة هي أكثر العوامل المؤثرة سلبا على المترجم، والتي تجعل منه مجرد موظفا إداريا أكثر منه مبدعا. فبالتالي تخرج الترجمة عادية أو ركيكة أو فاقدة للوهج الأدبي. وفي أغلب الأحوال تكون المادة هي بوصلة المترجم، فلا يهتم بجودة العمل أو أهميته أو لغته الأصلية، ولا يضع لنفسه مشروعا يجعله صاحب بصمة أو ترجمات أولى لم يعرفها القاريء العربي من قبله. عندئذٍ، يتعدى الأثر السلبي المترجم إلى حركة الترجمة نفسها، والتي بدورها تؤثر على الحركة الأدبية. فيلزم أن يكون في الحركة بمعناها الحرفي تجديد، وهو ما لا يتحقق سوى بالبحث عن الأعمال المتميزة بجميع اللغات، ونقلها إلى القاريء العربي، بما يفيد الثقافة والكتابة، ويثري تجارب المبدعين من الكتاب.
من بين أعمالك الأدبية المترجمة، هل يوجد عمل معين تعتبرينه تحديًا خاصًا لك؟ وما الذي جذبك لاختيار ترجمته؟
هناك عمل ضخم ذو قيمة تاريخية وأدبية بدأت العمل عليه منذ ثلاث سنوات، وهو عمل للكاتب الانجليزي العظيم صمويل جونسون المعروف بأنه أبو اللغة الانجليزية حيث وضع أول قاموس علمي متكامل للغة الإنجليزية عام 1755، ويعرف بقاموس جونسون. لم يسبق أن ترجم هذا العمل (واسمح لي ألا أذكر اسم العمل) إلى العربية من قبل، رغم أهميته الكبيرة. ربما لصعوبة لغته التي تجمع بين الإنجليزية الوسطى والقديمة واللاتينية. رغم أنني لم أجد حتى الآن من يرعى هذا المشروع، ويتكفل بنشره، إلا أنني لم أتوقف عن العمل عليه. وأؤمن أنني ذات يوم سأجد جهة داعمة تتولى مراجعته ونشره، وكلي ثقة أنه سيكون مرجعا أكاديميا هاما إذا ما اكتملت الترجمة.
بالإضافة إلى هذا العمل الذي لم ير النور بعد، هناك ترجمة الشعر. فأنا أحاول جمع بعض القصائد الحداثية وترجمتها إلى العربية في قالب شعري دون نثرها. وذلك بهدف تعريف القاريء العربي على شعراء العصر الحديث ممن يكتبون باللغة الانجليزية، وأنماط الكتابة المستحدثة. في ذلك تحدي كبير أتمنى أن أتجاوزه وأحقق النجاح فيه، والجميل في الأمر أن البدايات مبشرة. لكنني أيضا لم أجد من يرعى هذا المشروع ويتحمل تكلفة حقوق الترجمة بعد.
كلما تقدمتِ في مسار الترجمة الأدبية، هل تلاحظين تطورًا في أساليبك وقدراتك على التعبير عن النصوص الأدبية؟
أضع ذلك الأمر موضع اختبار دائما، وأفعل ذلك من خلال الممارسة الدائمة. ففي الأوقات التي لا أنشغل فيها بتعاقدات ترجمة، أترجم في مشاريعي الخاصة، أو أراجع ترجمات شهيرة لكبار المترجمين عملا على مشروع بحثي بدأته منذ سنوات. وهو محاولة لوضع كتاب مرجعي لدارسي الترجمة الأدبية يتناول نصوصا من أعمال مترجمة معروفة، وقعتُ فيها- عند قرائتي لها ومقارنتها بالنصوص الأصلية- على بعض أخطاء في الترجمة أضرت بسياق العمل الأدبي، وأفسدت تجربة القاريء. وحين يكتمل المرجع، سأبحث مسألة نشره واستخدامه فيما بعد في تدريس فنون الترجمة الأدبية.
فيما يتعلق بترجمة الشعر، هل تعتقدين أن هناك صعوبات مختلفة عن ترجمة النثر؟ وكيف تتعاملين مع تلك الصعوبات؟
وما هي نصيحتك للشباب الذين يهتمون بالترجمة الأدبية ويرغبون في اتباع خطاك؟
لا صعب إلا ما سميته صعبا، وهذا ما أعيده وأكرره على نفسي. وهناك من يختار المسالك المعبدة الممهدة، ومن يفضل صعود الجبال والخوض في لجة البحر. وكما قال اللمتنبي، “على قدر أهل العزم تؤتى العزائم”. كل هدف حقيقي يمكن تحقيقه بالمثابرة والإخلاص. ونصيحتي للشباب أن يجتهدوا، ويضعوا في النص المتخلق على أيديهم روحهم وفكرهم كي يخرج في شكل يليق باسمهم، وبالقاريء الذي يستهدفونه.
دورك كشاعرة:
كيف بدأت رحلتك كشاعرة؟ وما الذي دفعك للتعبير عن ذاتك من خلال الشعر؟
الشعر بالنسبة لي ليس مجرد نظم متزن على ايقاع متواتر، أو تخييل عدمي دون مغزى. كذلك هو ليس حالة، فأنا لا أكتب مدفوعة بمشاعر أو عواطف لحظية طارئة. الشعر صورة ما تلح على تفكيري وأستغرق في تأملها في ظروف مختلفة ومن زوايا متعددة لأكون قناعة ثم أعبر عنها. لذلك أعتبر الشعر موقف وليس حالة، وأعبر من خلاله عن نظرتي لنفسي وللكون بمعزل عن أحدهما الآخر أحيانا، وأحيان أخرى بدمجهما في كينونة واحدة.
هل يمكنك مشاركتنا ببعض المواضيع أو القضايا التي تهتمين بها في قصائدك؟
أجد نفسي في التعبير عن الصوت النسائي، أحلامه وآلامه، وفي هموم الإنسان، وبحثه الدائم عن أسباب وجوده، ومحاولة التيقن مما إذا كان يؤدي في هذا الكون مهمة تتسق مع قناعاته أم لا.
ما هو النوع من الشعر الذي تفضلين كتابته؟ وهل لديك أي مصادر إلهام تفضلين الاعتماد عليها؟
أفضل الشعر الذي يحرك الوجدان والفكر. فإذا حرك أحدهما فقط، فهو ناقص. ليس شرطا أن يكون منطقيا أو عقلانيا، ولكن الخدعة المحببة في أن يكون محض خيال، ورغم ذلك يجعلك تصدقه. أما بالنسبة للإلهام، فليس هناك شاعر حقيقي يعتمد على ربة الشعر أو حورياته. تلك كذبة المدعين الذين يروجون لبضائعهم ذات اللغة المستهلكة والأفكار البالية والقوالب الرتيبة.
دور المرأة في الشعر:
المرأة هي قصيدة الكون، وبدونها يستحيل أن نرى العالم على حقيقته. والأنثى كالشمس التي لولاها لغرقت الأرض في بحر ظلام دامس. وعلى قول عمر ابن أبي ربيعة، “والضد يظهر حسنه الضد”. وفي الشعر، هناك شاعرات قديرات في الوطن العربي لا يحتفى بهن بالقدر المستحق، بينما تمتلأ المنابر بشبيهات الشاعرات اللاتي لا يتمتعن بموهبة ولا حضور. وقد اختل ميزان الشعر بما يكفي ليهييء الظروف كي تسود معايير زائفة. والمؤسف أن المحصل النهائي يكون نتاجا غزيرا لا يستحق، ينسى بعد حين، ويؤثر سلبا في ذائقة القاريء، من ناحية. ومن ناحية أخرى، تختفي شاعرات حقيقيات عن الساحة الأدبية، وقد يتوقفن عن الكتابة يأسا من أي أمل في التغيير.
كيف ترى دور المرأة في عالم الشعر؟ وهل تعتقدين أن هناك تحديات محددة تواجه الشاعرات؟
تحتاج المرأة المبدعة الموهوبة لرعاية ودعم كي تجد الوقت وتتوفر لها الظروف لتنتج أعمالا متميزة، لكن إيقاع العصر المادي قد أثقل كاهلها وأبطأ خطوها في اتجاه ما تحب. ورغم أننا في الألفية الثانية، لكن المرأة لا تزال مكبلة ومجبرة على اتخاذ طرق في حياتها لا ترغب بالسير فيها نحو وجهة لا تعنيها.
هل يمكن أن تشاركينا ببعض الصعوبات التي واجهتها كشاعرة؟
النشر عقبة، كانت ولا تزال تقف عائقا في طريقي. كانت لي تجربة في نشر ديواني الأول فشلت مع أول طبعة حين فوجئت بأنها دون المستوى المتفق عليه.
لا أظن أن للشعر “سوق رائج” في تجارة الكتب من وجهة نظر الناشرين، ولم يعد هناك مجال للاعتماد على فرصة نشر في مؤسسة حكومية إن لم يكن لديك وساطة أو معرفة شخصية بمن يرأسها. امتنعت عن النشر منذ فترة، لكنني آمل أن تتغير الأوضاع قريبا.
من وجهة نظرك، كيف يمكن للشعر أن يساهم في تعزيز دور المرأة وإبراز صوتها في مجتمع يمكن أن يكون محافظًا بعض الشيء؟
على المرأة أن تكن نفسها في القصيدة، وألا تتقمص شخصيات الاستيريوتايب النسوية من أجل جذب جمهور غير مثقف، لا يعرف عن الشعر غير أنه نص مثير للغرائز.
هناك الكثير من الهموم التي تحملها المرأة الشرقية على كتفها، وترثها جيلا بعد جيل، كصخرة سيزيف أو كنتوء في ظهرها تولد به. حِمل همِّ الأبوين والإخوة، ومن بعدهم الزوج والأبناء، والتظاهر بالمثالية والتجمل والإيثار، والخضوع للأعراف والتقاليد، وتقبل التعرض للانتقاد وإصدار الأحكام ضدها جزافا.
وهي في خضم كل ذلك أشبه بالمصلوب اللذي أسلم أمره لمصيره. إن لم ينعكس شيء من ذلك في نبرة صوت المرأة الشاعرة، فهي ليست شاعرة، وإنما تاجرة تتكسب من بضاعة رائجة لا تمت للشعر بصلة.
اقرأ أيضا
“تأملات فنية: البحث عن العمق والمعنى في أعمال الفنانة اللبنانية هناء عبد الخالق”
“فن وأدب إخلاص فرنسيس: رحلة إبداع وتعبير عن الإنسانية”
القاصّة فاديا عيسى قراجة لـ«الجمهورية والعالم»: “أضع الرجل والمرأة تحت مجهر كتاباتي
الدكتورة عايدة الجوهري لـ«الجمهورية والعالم»: نوال السعداوي عززت فيّ روح التمرد
الجمهورية والعالم تحاور الشاعرة اللبنانية وفاء أخضر
” جريدة الجمهورية والعالم ” تحاور الشاعرة والاديبة اللبنانية نسرين بلوط
الجمهورية والعالم تحاور المخرجة الكويتية فرح الهاشم
الجمهورية والعالم تلتقي بفنانة الكاريكاتير الكويتية سارة النومس
الجمهورية والعالم تحاور الشاعر الجزائري علاء الدين قسول
خاص ..الجمهورية والعالم تحاور الفنان التشكيلى جمال مليكة
الجمهورية والعالم تحاور القنصل السنغالي في ميلانو
التعليقات متوقفه