تكليف نواف سلام يثير التفاؤل الشعبي ويُقابل بانتقادات من حزب الله

إعادة الإعمار وإنقاذ الاقتصاد: أبرز تحديات رئيس الوزراء المكلف

252

بيروت – الجمهورية والعالم

عين الرئيس اللبناني المنتخب، جوزيف عون، يوم الاثنين، الدبلوماسي البارز والقاضي الدولي نواف سلام رئيسًا جديدًا للوزراء. جاء هذا القرار بعد حصول سلام على دعم واسع من نواب مستقلين وأحزاب ذات علاقات قوية مع الغرب والمملكة العربية السعودية، ما أثار استياء “حزب الله” وحلفائه الذين لم يرشحوا أي شخصية لهذا المنصب.

تعيين سلام: بارقة أمل للبنان بعد سنوات من الأزمات

يُنظر إلى تكليف نواف سلام، البالغ من العمر 71 عامًا، على أنه خطوة إيجابية عقب سنوات من الجمود السياسي والأزمات الاقتصادية العميقة. يأتي هذا بعد انتخاب جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، مما يفتح الباب أمام فرص إطلاق استثمارات وقروض بمليارات اليوروهات من المانحين الدوليين، بهدف تخفيف الأزمة الاقتصادية التي أنهكت البلاد.

توترات مع “حزب الله” بشأن تكليف سلام

لطالما عارض “حزب الله” تعيين نواف سلام، معتبرًا إياه مرشحًا مدعومًا من الولايات المتحدة. وأكد رئيس كتلة “حزب الله” البرلمانية، محمد رعد، أن الحزب اختار التعاون مع الرئيس جوزيف عون، لكنه انتقد تعيين سلام، قائلاً: “مددنا يدنا عند انتخاب عون، لكن هذه اليد قطعت”.

دعم نيابي واسع وسلام يبدأ تشكيل الحكومة

بعد يوم من المشاورات، حصل نواف سلام على تأييد 84 نائبًا من أصل 128 في البرلمان، بينما نال رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نجيب ميقاتي، تسعة أصوات فقط، وامتنع 34 نائبًا عن التصويت.

في أعقاب إعلان النتائج، هنأ ميقاتي سلام، متمنيًا له النجاح في مهمته الجديدة. ومن المقرر أن يعقد سلام اجتماعًا مع الرئيس عون ورئيس مجلس النواب، نبيه بري، في القصر الرئاسي في بيروت يوم الثلاثاء لبدء عملية تشكيل الحكومة.

التحديات أمام الحكومة الجديدة

يواجه سلام تحديات ضخمة، أبرزها إعادة إعمار ما دمرته الحرب التي استمرت 14 شهرًا بين إسرائيل و”حزب الله”، وأسفرت عن مقتل أكثر من 4000 شخص وتشريد نحو مليون آخرين. كما تسببت الحرب في أضرار هائلة في البنية التحتية، تُقدر بمئات ملايين اليوروهات، خصوصًا في جنوب البلاد.

علاوة على ذلك، يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة مستمرة منذ خمس سنوات، أضعفت مؤسساته المالية والخدمية، وفاقمت معاناة شعبه البالغ عددهم أقل من ستة ملايين نسمة.

من هو نواف سلام؟

ولد نواف سلام عام 1953، وبدأ مسيرته الأكاديمية والسياسية كسفير وممثل دائم للبنان لدى الأمم المتحدة لمدة عشر سنوات، حيث مثّل بلاده في مجلس الأمن الدولي.

في عام 2018، تم انتخابه قاضيًا في محكمة العدل الدولية، وفي فبراير 2024، أصبح ثاني شخصية عربية تترأس المحكمة بعد الجزائري محمد بجاوي..

ينتمي نواف سلام إلى عائلة بيروتية سنية عريقة. عمه، صائب سلام، كان من رواد النضال لاستقلال لبنان عن فرنسا، وشغل لاحقًا منصب رئيس الوزراء لعدة دورات.

كما تولى ابن عمه، تمام سلام، رئاسة الحكومة في الفترة بين 2014 و2016.

يحمل سلام سجلًا حافلًا في العمل الدبلوماسي والقانوني الدولي، حيث شغل منصب رئيس “اللجنة الاستشارية الدولية” وقاضٍ في محكمة العدل الدولية بلاهاي.

مرحلة جديدة في تاريخ لبنان

بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي وحكومة مؤقتة بقيادة نجيب ميقاتي، يبدأ لبنان مرحلة جديدة بقيادة جوزيف عون ونواف سلام. يعلق اللبنانيون آمالًا كبيرة على هذه القيادة لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي، وإعادة بناء ما دمرته الحرب، ووضع البلاد على طريق التعافي والتنمية.

تشكيل الحكومة في ظل التحولات السياسية

يأتي تكليف سلام برئاسة الحكومة اللبنانية في وقت يشهد فيه لبنان تحولات سياسية دقيقة. هذا التطور أعقب انتخاب الرئيس الجديد ميشال عون، الذي يشير إلى تحول في ميزان القوى في البلاد، لا سيما بعد تراجع نفوذ حزب الله نتيجة التطورات الإقليمية، بما في ذلك الحرب مع إسرائيل وتراجع نفوذ حليفها التقليدي في سوريا.

ورغم موقف كتلة حزب الله الذي امتنع عن تسمية مرشح لرئاسة الحكومة، إلا أنها أكدت التزامها بالتعاون مع العهد الجديد والمطالبة بحكومة ميثاقية تضم مختلف الأطياف السياسية.

الإجراءات الدستورية لاختيار رئيس الحكومة

وفق الدستور اللبناني، يُكلف رئيس الجمهورية رئيس الوزراء المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب بناءً على نتائج الاستشارات النيابية.

ويُعتبر منصب رئيس الوزراء من نصيب المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من أصوات النواب دون الحاجة إلى تحقيق نصاب معين، ما يميزه عن آلية انتخاب رئيس الجمهورية.

اقرأ أيضا
لبنان بعد الفراغ الرئاسي: تحديات اقتصادية وضغوط دولية أمام الرئيس الجديد

 

Visited 23 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه