من “العمر الطويل” إلى “جودة الحياة”: كيف نعيش أطول… ولكن بصحة أفضل؟

712

كتبت : بريجيت محمد

لم يعد عدد السنوات التي نعيشها هو المقياس الحقيقي لطول العمر، بل أصبحت جودة تلك السنوات هي ما يصنع الفارق. في ظل تزايد أعداد كبار السن حول العالم، لم تعد الشيخوخة وحدها تمثل التحدي، بل التحدي الأكبر يكمن في الشيخوخة المصحوبة بالأمراض المزمنة وفقدان الاستقلالية.

في هذا السياق، يتزايد الحديث عالمياً عن مفهوم جديد يُعرف بـ “Healthspan” أو “مدة الحياة الصحية” — وهي الفترة التي نعيشها دون أمراض تعيقنا. وهذا المفهوم كان محوراً رئيسياً للنقاش في المؤتمر الأوروبي للسمنة الذي عُقد مؤخرًا في مدينة مالقة الإسبانية، حيث أكد الخبراء أن الهدف اليوم لم يعد فقط “العيش أكثر”، بل “العيش بشكل أفضل”.

لماذا تراجع متوسط العمر الصحي؟

تشير التقديرات إلى أن متوسط العمر المتوقع بدأ في الانخفاض، ويرجع ذلك إلى تدهور نمط الحياة اليومي.

ارتفاع معدلات الإصابة بضغط الدم، والسكري، والسمنة، وأمراض القلب، أصبحت نتائج حتمية لعادات غذائية سيئة، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والإجهاد المزمن.
المفارقة أن أمراضًا كانت تُعتبر من سمات الشيخوخة أصبحت تُصيب الأفراد في سن الأربعين، ما يعكس أزمة صحية عامة.
ووفقًا لخطة الصحة القومية للقلب والأوعية الدموية، فإن 60% من وفيات هذه الأمراض مرتبطة بعوامل خطر كان يمكن الوقاية منها، بتكلفة سنوية تتجاوز 42 مليار يورو.

البيئة والدماغ.. عوامل خفية تتحكم في العمر

الأمر لا يقتصر على الغذاء أو الحركة فحسب، بل إن البيئة تلعب دورًا محوريًا في تدهور الصحة العامة. التعرض اليومي للملوثات مثل البلاستيك الدقيق، والمعادن الثقيلة، والمبيدات، يؤثر على الصحة الوراثية للأجيال الجديدة من خلال تغييرات جينية دقيقة تُعرف بـ”التغيرات اللاجينية”.

يقول الدكتور إنيو تاسيوتي، مدير برنامج “طول العمر البشري”، إن “الأجيال الحالية أكثر هشاشة بيولوجيًا من أجدادهم”.

وفي الوقت ذاته، لا يجب إغفال دور الدماغ. فقد أظهرت أبحاث مطوّلة من جامعة هارفارد أن العلاقات الاجتماعية، والمزاج الإيجابي، يلعبان دورًا وقائيًا يعادل تأثير التمارين الرياضية. في المقابل، تؤكد الدراسات أن الوحدة تضاهي تدخين علبة سجائر يوميًا في ضررها الصحي.

خطة شخصية لحياة أطول بصحة

ما الحل؟ الخبراء يرون أن البداية يجب أن تكون من المطبخ: تقليل الأطعمة المصنعة والعودة إلى المكونات الطازجة والموسمية.
كما يُوصى بالحركة اليومية، ولو بخطوات بسيطة كالمشي أو صعود السلالم.
لكن لا يجب إغفال أهمية تحفيز العقل عبر القراءة، وتعلم اللغات، والموسيقى، وتوسيع العلاقات الاجتماعية.

يؤكد تاسيوتي أن “الجسم السليم لا يُعد طويلاً في عمره ما لم يكن العقل صافياً ونشيطاً”.

ومع أن العلم يطوّر حلولًا واعدة — من بينها جسيمات نانوية لمحاربة الالتهاب وتحسين جهاز المناعة — إلا أن البداية الحقيقية تكمن في اختياراتنا اليومية.

العمر الطويل ممكن… ولكن فقط إذا اخترنا أن نعيشه بشكل أفضل.

اقرأ أيضا:
حاول تجنّبها في سن الـ 30… أطعمة تزيد من فرص الإصابة بالشيخوخة المبكّرة!
المعمرون يمتلكون دمًا “مميزًا”… دراسة سويدية تكشف سر طول العمر 

Visited 19 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه