كتبت :سارة غنيم
طور فريق بحثي مشترك من جامعتي جونز هوبكنز وستانفورد جيلاً جديدًا من الجراحين الروبوتيين المستقلين، القادرين على تنفيذ العمليات الجراحية بدقة تضاهي أداء الأطباء البشر، وذلك باستخدام تقنيات تعلم الآلة من مقاطع الفيديو الجراحية السابقة.
وتم الكشف عن هذا الإنجاز الطبي المحتمل في مؤتمر “تعلم الروبوتات” الذي عقد مؤخرًا في ميونيخ.
حل لنقص الجراحين بحلول عام 2036
قد يمثل هذا التقدم خطوة هامة نحو مواجهة النقص المتوقع في عدد الجراحين في الولايات المتحدة، والذي قد يتراوح بين 10,000 و20,000 جراح بحلول عام 2036، وفقًا للجمعية الأمريكية لكليات الطب.
ورغم الآفاق الواعدة، يواجه استخدام هذه الروبوتات على المرضى العديد من التحديات التي تتطلب حلولًا متقدمة.
الروبوتات الجراحية: من المساعدة إلى الاستقلالية
منذ أول استخدام للجراحة الروبوتية عام 1985، عندما ساعد الروبوت “PUMA 560” في إجراء خزعة دماغية، شهدت هذه التكنولوجيا تطورًا كبيرًا.
إلا أن الابتكار الأخير ينقلها إلى مستوى جديد، حيث طورت الروبوتات القدرة على تنفيذ المهام الجراحية المعقدة، مثل التلاعب بالإبر، عقد الخيوط، وخياطة الجروح، بشكل مستقل تمامًا.
ما يميز هذه الروبوتات هو قدرتها على التعلم من مقاطع الفيديو الجراحية وتصحيح أخطائها تلقائيًا، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر.
يوضح الدكتور أكسل كريجر، المشرف على البحث وأستاذ الهندسة في جامعة جونز هوبكنز: “اعتمدنا في تدريب الروبوتات على فيديوهات توثق الروبوتات أثناء تنفيذ مهام جراحية على وسادات تدريب. يتم تحويل كل صورة من الفيديو إلى بيانات رقمية يتم ترجمتها إلى تعليمات تشغيلية للروبوت.”
اختبارات واعدة في البيئات التجريبية
تمكنت الروبوتات المدربة من أداء المهام الجراحية بنجاح على عينات خنازير ودجاج، مما يؤكد إمكاناتها في تطبيقات العالم الواقعي.
وقد أدى هذا النهج المبتكر إلى تقليل الحاجة إلى برمجة كل حركة، ما يجعل العمليات أكثر كفاءة ودقة.
تحديات تقنية وأخلاقية
على الرغم من هذه النتائج المبشرة، يؤكد الخبراء أن الطريق إلى الاستخدام الفعلي للروبوتات الجراحية المستقلة مليء بالتحديات.
يقول الدكتور ديبين جيه باريخ، مدير الجراحة الروبوتية في جامعة ميامي: “التشريح يختلف بين المرضى، وكذلك تطور المرض، مما يزيد من تعقيد استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية.”
كما تثير هذه التكنولوجيا أسئلة جوهرية حول المسؤولية والخصوصية. في حال حدوث أخطاء، قد تتوزع المسؤوليات بين الطبيب المشرف، مطوري الذكاء الاصطناعي، إدارة المستشفيات، وحتى الشركات المصنعة.
وأشار الدكتور عامر زريقات، مدير الجراحة الروبوتية في جامعة بيتسبرغ، إلى أن هذه القضايا القانونية ستحتاج إلى معالجات دقيقة.
إضافة إلى ذلك، يثير استخدام الفيديوهات الجراحية الحقيقية لتدريب الأنظمة مخاوف بشأن خصوصية المرضى، فيما تتعلق تساؤلات أخرى بالوصول العادل لهذه التكنولوجيا والتحديات المرتبطة باعتماد الجراحين على الروبوتات بشكل مفرط.
نحو مستقبل طبي مشرق
يمثل هذا الإنجاز خطوة كبيرة نحو تحسين الرعاية الصحية، لكنه يتطلب معالجة شاملة للتحديات التقنية والأخلاقية قبل أن يصبح جزءًا أساسيًا من أنظمة الرعاية الصحية.
ومع استمرار الأبحاث، تبقى الآمال معقودة على تحقيق توازن بين الابتكار والمسؤولية، لضمان مستقبل طبي آمن وشامل للجميع.
اقرأ أيضا:
يحاكي خصائص جلد الانسان.. الصين تطور ريبوتات مزودة بجلد صناعي يشعر بدرجة الحرارة والضغط والرطوبة
التعليقات متوقفه