محمد غنيم
أروي يا شهرزاد ، عن نبع الحياة٫ تكلمي حتى الفجر ٬احكي لمائة ليلة أخرى وثورة أخرى لثورتك البيضاء، عن هذا الانتصار العجيب للبريء وللقوة الناعمة التي نجحت في تغيير مصيرها٬
احكي يا شهرزاد عن نساء وصبايا رفعت لهم الأزهار النائمة رؤوسها وتفتحت أكمامها عند رؤيتهما وهم يتحدوا الموت في كل لحظة، بأيد عارية وشعر فضفاض، ضد التعذيب، ضد الرصاص، ضد حبل المشنقة، ضد أولئك الذين يعاقبونهم باسم الله. وعن الدكتاتورية الدينية التي اصبحت تجسيد للذات الإلهية.
احكي لنا عن الشمس التي ترقص طربا معهم كل شروق، وعن فراشات الربيع والزهور البرية والمقطوعات الموسيقية التي صنعت من الجمال والبهجة سمفونية البقاء للإصلاح وأنتم الاصلح والأقوى. لان” كل مكان لا يؤنث لا يعول عليه “
إحكي ياشهرزاد عن تلك النسوة وعن هؤلاء الصبايا وعن صمودهم وكلماتهم وإيماءاتهم وعيونهم التي لا تنخفض حتي أصبحت عدوى، تتدفق إلى كل شارع وحارة وفي كل ركن مما كان يسمى ذات يوم بلاد فارس وتوقظ الأزواج والأبناء والآباء والعشاق الذين يطلبون الآن الحرية. دمتم أجمل من أي ورد, وأزكى من اي عطر.
أخبرينا يا شهرزاد بكل اسم من أسمائهم: ماشا ، هاديس ، نيكا ، إلماز ، أسراء ، سارينا ، شيرين ، نسرين ، فهيمة ،فريدة ٬ مهسا ٬ ترانه عليدوستي ٫وغيرهما الكثير ، والتي يتكررن يوما بعد يوم.
لا أحد يستطيع أن يقول حتى الآن ما إذا كانت ستنتهي بدون نثر الدماء فوق النوار، لأن قوة آية الله العظمى قوية ولا أحد يستطيع مساعدتكم.
لكن شيئا ما سيحدث وان كان يبدو مستحيلا ولا يمكن اعتبار أي شيء أمرا مستحيلا. كما قالت الشاعرة التي قتلت فروغ فرخزاد: “إذا دخلت منزلي ، يا صديقي ، أحضر لي ضوءا ونافذة ، يمكنني مراقبتها من خلال الحشد السعيد في الزقاق”. تراهم، منذ أن بدأ خريف إيران، جنبا إلى جنب، يسيرون في صمت، بدون أسلحة، بدون عنف، أكثر فأكثر، في الشوارع، في الطرق، في الساحات، مع اليقين من أنه قريبا ستكون هناك اعتداءات وسيضربونك ويطلقون النار ويأخذونك بعيدا ويحكمون عليكم بالإعدام.
احكي يا شهرزاد عن حد “الحرابة” و شعار “امرأة، حياة، حرية”، بعد مقتل مهسا أميني في حجز شرطة الأخلاق.
احكي عن “الخلافة الاستبدادية” التي تسجن زهور الياسمين وارواح الصبايا التي تنثر الزهور في الشوارع وتتوعدهم بأن كل هذه الاحتجاجات مستوحاة من الشر المطلق، ويقسمون أنه ستكون هناك مواجهة لأولئك الذين يخونون إيران. لن ينظروا إلى أي شخص في وجهه. لن يغفروا لفريدة مرادخاني، حفيدة “المرشد الأعلى” علي خامنئي، التي أخذت واقتيدت إلى السجن مرفوعة الرأس.
احكي يا شهرزاد عن الأذن القصديرية التي لا تسمع ولن تسمع إلى الامهات وهي تصرخ: “قريبا سيأتي انتصار الشعب وسيتم الإطاحة بهذا الطغيان في السلطة”. ولن يعفوا عن فهيمة كريمي، مدربة الكرة الطائرة وأم لثلاثة أطفال، التي حكم عليها بالإعدام لركلها جنديا.
يقول آية الله العظمى ، انها محبوبة ومشهورة ولذلك يجب أن تموت. مفارقة النظام موجودة في كلماته الخبيثة.
إنهم لا يريدون أبطالا، بل يصنعون شهداء. ورموز تظل عبر التاريخ. اختارهم الوقت. ليكونوا بطلات عام 2022.
دعونا نتذكر كل ذلك غدا عندما يتحرر العقل، سوف تغلق الأبواب أمام أولئك الذين سيضطرون إلى الفرار. لأن نار الغضب ستحرقهم وسوف تنهار القوانين المتشددة التي يفرضها نظام الحكم وتركيبته السياسية والدينية.
لقد أصبحت “شرطة الأخلاق بلا اخلاق يخيفها صوت “النساء وهم يهتفن حالقي رؤوسهن “الموت للجمهورية الإسلامية”، و”الموت لولاية الفقيه”.
اقرأ للكاتب:
صراع المتاهات، وإقحام الأديان في السلوك البشري
محطات مع صديقى سمير الاسكندرانى – يكتبها محمد غنيم
محمد غنيم يكتب :الالتقاء الثقافي والحضاري بين الشعوب
الإسلاموفوبيا وصورة الإسلام في الغرب
أهمية التعرف على الثقافات الأخري والتعايش مع الشعوب بمختلف جنسياتها
أخر حوار مع الراحل ».. العبقري المخرج العظيم شادي عبدالسلام
قصة سمير الإسكندرانى مع الموساد والبرنامج الإيطالي