أهمية التعرف على الثقافات الأخري والتعايش مع الشعوب بمختلف جنسياتها

0 995

كتب – محمد غنيم
فى البداية أريد ان أشير الى اننى تعلمت هنا الكثير وأعجبت بالكثير ، واطلعت على ثقافات مختلفة وكنت سفيرا أنقل ما أراه جميلا إلي بلدي، لم أنظر بعين القبح إلي القبيح ولكني نظرت بعين الناقد البصير من أجل أن أضع لمسة جمالية على كل قبيح، أقف مع كل إنسان متواضع الفكر لأرفع من مستواه الفكري وأتعلم من كبار الكتاب بتواضع لأضيف إلي معرفتي ما كان محجوبا عني.

لم تتاح الظروف لأغلبنا ليكونوا سفراء ولكن وجب أن تنهمر رسائل الحب من هنا إلي إخوانكم في البشرية فى جميع أنحاء الأرض.

أنا لا أبغي من لقاءي هذا إلا أن أضع نقاط بسيطة أخذها من الأديان .

حينما وجد عيسي رهط من البشر يقذفون امرأة بالحجارة قال لهم من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، ووقفوا جميعا كأن على رؤؤسهم الطير يفتشون في خطاياهم. وأفضل شيء هو أن يفتش الإنسان في خطاياه قبل أن يفتش عن خطايا الآخرين حتى يتربع على عرش قلوبهم ويظل محبوبا بين الناس جميعا.

“يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم” هذا ما جاء به الدين.

النظر إلى الشعوب ومعرفتها بعين محايدة لا بعين ناقدة، والتعايش مع الشعوب بمختلف جنسياتها وألوانها ولغاتها من أجل التعارف.

وإذا كانت اللغة تقف حائلا أمام معرفة الشعوب بعضها لبعض فإن البشرية كلها تشترك جميعا في صفاتها الإنسانية، تشعر، تتألم، تفرح، تحزن، تحب، تكره، تتبادل المنفعة. ولكي يتم إبراز هذه المعاني كلها يجب ان تساعد الشعوب بعضها البعض من أجل إزاحة التراب الذي يحجب الرؤية ويجعل الإنسان بعيدا عن أحوال الناس في أي مكان لا يعرف عن واقعهم أي شيء إلا ما يقرأه من بعض سطور تكتب هنا و هناك.

ولذلك وجب على الإنسان ان يحب ويحب كثيرا بدلا من الكراهية، وان يساعد كثيرا بدلا من الوقوف ينظر إلي الضعفاء ويرثي لهم، يجب على الإنسان أن يساعد أخيه في التعلم وأن يأخذ بيده إلي المعرفة والنهوض بواقعه الأليم إلي مستوى مقبول.

وأذكر موقفا أخر لمحمد رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما استمع إلي الأسرى يقول بعضهم لبعضهم:

ماذا تظن أن محمد فاعل بنا؟ قال أخ كريم وبن أخ كريم، واستمع محمد إلي هذه المقولة فقال لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء.

نزلت الأديان لتحرر الإنسان ، نزلت الأديان لتعز البشر، نزلت الأديان لتسمو بهم، وتجعل الإنسان في أمان

وقال محمد أيضا المسلمون من سلم الناس من لسانهم وأيديهم.

فالمسلم الحق والمسيحي الحق واليهودي الحق لا يعرف الظلم ولا العدوان ولا القتل ولا التعصب، ولكنه يعرف الحب ويعرف الأمان ويعرف السلام.

وأنا بدوري انقل لكم تجربتي الشخصية من خلال تعاملي مع الأديان، لقد قرأت في كل الديانات وأمنت بها جميعا لا فرق عندي بين نبي اليهودية موسي ولا نبي المسيحية عيسي ولا نبي الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم، نؤمن بهم جميعا ولا نفاضل بين أحدهم على الأخر. إنها أيها السادة عالمية الدين احترام للأخر، تعاون أخاء مساواة، ولذلك كانت نظرتي للبشرية جمعاء نظرة واحدة.

إن الظروف التي يمر بها العالم وإن كنا نتأثر بها جميعا تجعلني ارجع إلي حظيرة الدين لأجد فى كنفها الراحة والهدوء و السكينه حينما أتذكر انه لا يقتل القاتل حين يقتل وهو مؤمن، و لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، أي ان الإنسان المؤمن لا يأتي بأي فعل يضر به نفسه أو يضر به الآخرين.

حينما أتحدث عن الدين الإسلامي أتحدث عنه من منطلق واحد وهو إيماني بكل الأديان التي نزلت من السماء تدعو إلى المحبة والتسامح والعطف والتعاون والإخاء والمساواة، ولا تدعو إلي ربط أي دين بفكرة الإرهاب لأنها سوف تصبح فكرة او محاولة سياسية أكثر من كونها فكرة دينية. ولذلك إذا أراد الإنسان ان يركب سفينة نجاته من الواقع الذي نعيشه عليه ان يحمل معه زادا من الحب والمعرفة والتسامح وعدم النظر إلي واقع الشعوب بعين واحدة ولكن بعينيه الاثنين وان يسمع بأذنين لا بأذن واحدة ليرى الخير خيرا فيتبعه ويرى الشر شرا فيتجنبه

لقد بلغ من سفاهة قوم أنهم يتساءلون:

هل المرآة إنسان له روح يسري عليه الخلود ام حيوان نجس ليس له روح؟ ومن عجب ان تناقش هذه المسألة في مؤتمر عقد بفرنسا عام 586 م أى قبل الإسلام بنحو عدة سنوات، وتنتهي المناقشة بأن يقرر المؤتمر “إنها إنسان وليست حيوان ” ولكن قرر أصحاب المؤتمر إنها إنسان خلق لخدمة الرجل.

وجاء الإسلام فقضي على مبدأ التفرقة بين الرجل والمرآة فى القيمة فقال الله تعالى ” ولقد كرمنا بنى ادم ” لم يخص الذكور فقط بالتكريم، وقضي على التفرقة بينهم أمام القانون فى الحقوق العامة اذا ثبت ان لكل إنسان جزاء عمله فى الدنيا والآخرة ذكر أو أنثي فقال تعالى ” للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن” وقال تعالي ” إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثي بعضكم من بعض “.

كما جعل الإسلام للمرآة من الحقوق ما للرجل فأعطاها حق التعليم فقد جاءت إمرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : غلبنا عليك الرجال فجعل لنا يوما، فجعل لهن يوما يعلمهن فيه، وكانت النساء الصحابيات يجتمعن إلي أمهات المؤمنين يسألنهم عن حكم الله فيما يطرأ عليهن من الحوادث فأما يجدن عندهن الجواب أو يسألن الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأباح الإسلام للزوجة ان تتولى من أعمال الدولة ما يؤهلها مكانتها فى ذلك ولم يمنعها من الخروج للعمل أو التجارة أو ممارسة اى حرفه بشرط المحافظة على حدود الدين، بأن تحفظ كيانها الإنساني، وعفتها، وطهارتها والحفاظ على عرضها وشرفها ونقاء أسرتها.

كما أعطي الإسلام للمرآة شخصيتها المدنية الكاملة وأهليتها في تحمل الالتزامات وأجراء العقود من بيع وشراء وهبة ووصية من غير وصاية اى رجل عليها مادامت عاقلة رشيدة، كم أباح لها الخروج مع الجيش للدفاع عن وطنها.

والزواج في الإسلام لا يفقد المرآة اسمها ولا شخصيتها المدنية ولا أهليتها، بل تحتفظ باسمها وأسم أسرتها وأعطاها الحق فى التصرف فى ثروتها الخاصة المستقلة عن شخصية زوجها وثروته، ولا يجوز للزوج ان يأخذ شيئا من مالها قل او كثر حسبما جاء في كتاب الله ” وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا”.

كما لا يحل للزوج ان يتصرف فى شيء من ملك زوجته إلا إذا أذنت له، وعلى ما أظن ان هذه المساواة لم تبلغها المرأة فى أي أمه من الأمم.

هناك بعض الافتراءات هنا أو هناك والتي تبث من جهات مغرضة ليس طعنا فى الإسلام كدين ولكن طعنا فى كل الأديان أو عدم المعرفة بالأديان، أو عدم معايشة الشعوب والوقوف على ما تلقاه المرأة من معاملات فى أوطانها. وقبل ان يلقي الإنسان التهم جزافا فعلية ان يعرف الشعوب وأحوالها المادية والاجتماعية قبل ان يكون هو الحكم أو المردد للدعايات المغرضة التي تشوه صورة الأديان.

ولذلك وجب علينا ان نقف على حقيقة واحدة وننظر إلى هذا الأمر نظرة محايدة حتى نقف على الحقيقة الوحيدة التى تؤلف بين الشعوب وتظلهم بمنطق الحب والإخاء.

يجب ان ننظر للدين على ان مصدره اله واحد شرع منهجه وبلغة للبشرية على لسان الرسل فالديانة المسيحية ديانة تدعو إلي المحبة، فالله محبه، وتدعو إلي السرور الله المجد فى الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.

و الديانة الإسلامية تدعو إلى الحب والتسامح والسلام ” وان جنحوا للسلم” ودعت إلي التعاون ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” والرسول صلى الله عليه وسلم يقول “حب لأخيك كما تحب لنفسك” وقال المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.

هذه هي الشريعة السماوية وهذه الشريعة جعلت هناك بعض الفروق بين الرجل والمرآة فى أمور خمس:

1 – الأعباء الاقتصادية

2 – الميراث

3 – القوامة على الأسرة

4 – الشهادة

5 – الطلاق

كيف فرق بين الرجل والمرآة فى الأعباء الاقتصادية؟

كلف الرجل ان يسعى للمعاش لقوته وقدرته على تحمل المشقة حيث لا شاغل يشغله من الم الحمل ولا الرضاعة، وقد حذر الله الإنسان من الشيطان فقال تعالي ” فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى”

فجعل الشقاء مقصور على أدم لأنه المكلف بالسعي على حواء، ولذلك جعل واجبات على الرجل نحو المرأة من إعداد مسكن الزوجية ودفع مهرها وتأثيث البيت ومع ذلك حرم على الرجل ان لا يطغى على حقوق الزوجة المادية. هل هناك شيء أفضل من ذلك؟

اما بشأن الميراث

فقد جعل للرجل نصيبين في الميراث وللمرآة نصيب واحد لأن المرأة حينما تتزوج برجل قد ورث نصيبين فأصبح ذلك ثلاثة انصبه تتساوى فى ذلك كل الأسر ، لأن الإسلام جعل الأسرة هي اللبنة الأساسية فى تشكيل أى مجتمع من المجتمعات وكان لذلك أثره فى إن تتساوى كل الأسر فى الأنصبة.

أما بشأن القوامة قال تعالى ” الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ” لأن الله أعلم بما تحتاجه المرأة أكثر من علمها هي بما تحتاجه، فهو يعلم بما تحتاجه من لطف الحس، ورهافة العاطفة والعناية بجمالها وزينتها، وضعفها وصعوبة فترات حملها وحيضها وضعفها وصعوبة فترات حملها وحيضها وإرهاق نفسيتها مما جعل الرجل يقف بجانبها متحملا كل تبعاتها حينما تمر بهذه الأوضاع الصعبة.

وكذلك الرجل حينما يتحمل مشاق التعب والكدح والعمل القاسي يحتاج إلى زوجه تلطف له من قسوة الحياة وتغمره بذلك العطف المتدفق لتمسح عنه آلام التعب وبرودة الأيام

وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ.

كما جعل الله الطلاق طلاق رجعيا، أي أنه من الممكن ان تعود إليه امرأته بعد مده بعد ان تحل المشكلة التي أدت إلي الطلاق.

الإسلام لا يحتم على الإنسان زواج أبديا لأن الإنسان لا يطيق ان يعيش فى بيت حلت فيه الكراهية مكان الحب،لأن الحياة ستفرض على الإنسان سجنا قاسيا احكم غلقه عليهما.
من ندوة لطلبة المدارس الثانوية بإيطاليا
اقرأ أيضا:الالتقاء الثقافى والحضارى بين الشعوب

Visited 1 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق