موسكو تكشف أوراقها: هذه هي شروط بوتين “القاسية” لوقف الحرب في أوكرانيا

وثيقة سرية من إسطنبول: هل هذه نهاية الحرب أم بداية استسلام أوكرانيا؟

486

كتبت : بريجيت محمد

ملف إسطنبول يكشف شروط بوتين للسلام: انسحاب أوكراني كامل، حياد دائم، ولا مكان لحلف الأطلسي

في خطوة تعكس تصلبًا في المواقف الروسية بشأن إنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا، كشفت مذكرة تفاوضية روسية جديدة، تم تسليمها إلى الوفد الأوكراني خلال محادثات إسطنبول، عن حزمة شروط تعتبرها موسكو ضرورية لتحقيق “السلام”.

لكن بنود الوثيقة، وفقًا لمراقبين، لا تعبر عن تسوية تفاوضية، بقدر ما ترقى إلى صيغة استسلام كامل من جانب أوكرانيا، تفرضه القوة العسكرية الروسية وتدعمها اللهجة المتشددة من أعلى المستويات السياسية في موسكو.

شروط صارمة: انسحاب وتسليم أراضٍ وحياد دائم

المذكرة التي تتألف من 31 بندًا وتنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية، تضع خيارين لوقف إطلاق النار، لكن كلاهما مشروط بتنفيذ انسحاب أوكراني كامل من دونيتسك ولوهانسك وخيرسون وزابوريجيا خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق، مع اعتراف رسمي بسيادة روسيا على تلك المناطق، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم ومنطقة “نوفوروسيا”.

وتطالب موسكو أيضًا بإلزام أوكرانيا بوضع حيادي دائم، يتضمن تعهدًا مكتوبًا بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو إقامة أي تحالفات أمنية غربية.

نزع السلاح وإعادة هيكلة النظام السياسي

تتجاوز الشروط الروسية الأبعاد الجغرافية والعسكرية، لتشمل إعادة صياغة النظام السياسي في أوكرانيا. تنص المذكرة على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة خلال 100 يوم من رفع الأحكام العرفية، وهو ما يراه محللون محاولة روسية لفرض تغيير في القيادة السياسية الأوكرانية، تحت إشراف غير مباشر من الكرملين.

كما تشترط المذكرة نزع السلاح الأوكراني بشكل شبه كامل، ومنع دخول أسلحة نووية أو دعم استخباراتي غربي.

كما يُمنع على القوات الأوكرانية التحرك خارج حدود يتم الاتفاق عليها لاحقًا.

محو المسؤولية التاريخية: لا تعويضات ولا محاكم

في سابقة مثيرة للجدل، تشترط الوثيقة إسقاط أي مطالبات مستقبلية بالتعويضات عن الخسائر الناجمة عن الحرب، ونبذ المساءلة القانونية عبر المحاكم الدولية.

ولا تقدم الوثيقة أي التزام واضح بشأن العدالة أو الحقيقة، بل تشترط “محو المسؤولية التاريخية” للطرفين، ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية.

الضمانات الدولية: مطلب روسي ملزم

تشترط موسكو أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا ملزمًا يضمن تنفيذ الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بـ حماية حقوق الناطقين بالروسية في أوكرانيا. وتُعد هذه النقطة إحدى الحجج المركزية التي استخدمها الكرملين لتبرير تدخلاته العسكرية منذ 2014.

ميدفيديف: لا سلام، بل “نصر كامل”

وفي لهجة متصلبة، أكد ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أن الوثيقة لا تهدف إلى بناء سلام متوازن، بل إلى تعزيز التقدم العسكري الروسي.

وفي منشور على قناته عبر “تلغرام”، كتب ميدفيديف: “لا مكان لشروط خيالية… بل لتدمير النظام النازي الجديد في كييف بالكامل”.

مضيفًا أن “كل ما يجب تدميره سيتم تدميره، وكل من يجب القضاء عليه سيختفي”.

تصريحاته جاءت عقب تسليم المذكرة، مؤكدًا أن الجيش الروسي يواصل “الهجوم الفعال”، وأن شروط الكرملين ليست موضع تفاوض، بل خطوات نحو “الانتصار الحاسم”.

صمت رسمي من كييف ومخاوف غربية

من جانبها، لم تصدر السلطات الأوكرانية ردًا رسميًا على مضمون الوثيقة حتى الآن، فيما يسود الصمت الحذر أروقة كييف. ومع ذلك، يرى محللون أن قبول مثل هذه الشروط سيكون أقرب إلى الخضوع الكامل، وليس اتفاقًا سياسيًا ندّيًا.

أما في الغرب، فتثير هذه التطورات قلقًا متزايدًا بشأن نوايا موسكو الحقيقية، خاصة مع استمرار العمليات العسكرية وتصعيد الخطاب السياسي.

ويشير مراقبون إلى أن الوثيقة تعكس رغبة الكرملين في ترسيخ نتائج الحرب بالقوة، لا من خلال الحوار أو التنازلات المتبادلة.

الخلاصة: سلام مشروط أم فرض أمر واقع؟

تكشف مذكرة إسطنبول عن رؤية روسية للسلام، لا تقوم على المصالحة أو الشراكة، بل على فرض واقع سياسي وعسكري جديد بأدوات الغلبة العسكرية.

وبينما لا تزال المفاوضات متوقفة، فإن مستقبل أوكرانيا، وفق شروط الكرملين، يبدو مرهونًا بقبول صفقة تنهي السيادة وتعطل الانتماء الغربي.

في ظل ذلك، يبرز التساؤل: هل هذه وثيقة سلام أم مقدمة لتحويل الصراع إلى صراع طويل الأمد على هوية ومصير دولة؟

اقرأ أيضا:
كيف اثرت الحرب العالمية الثانية علي مشواره.. بوتين من حياة ضائعة في الاتحاد السوفيتي الي قيصر روسيا “صور”
بوتين من الطفولة الصعبة الي غزو الشيشان واوكرانيا.. محطات في حياة الرئيس الروسي

Visited 42 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه