أكبر الصحف الإيطالية توثق حياة زيلينسكي في كتاب مجاني للقُراء

زيلينسكي: من ممثل كوميدي إلى رمز للمقاومة الأوكرانية
ترجمة : سارة غنيم

كييف – 1 أبريل 2025 – لم يكن فولوديمير زيلينسكي ليتخيل، قبل 12 عامًا، أنه سيجد نفسه في قلب معركة للدفاع عن سيادة أوكرانيا ضد الغزو الروسي. في عام 2013، كان زيلينسكي ممثلًا كوميديًا ناجحًا، يتنقل بين مسارح موسكو أكثر من كييف، دون أن يكون له اهتمام واضح بالقضايا القومية أو السياسية في بلاده. لكنه اليوم، وبعد ثلاث سنوات من اندلاع الحرب الشاملة، بات أحد أبرز قادة أوروبا، حيث يجسد صمود أوكرانيا في وجه التهديدات الروسية.

من نجم تلفزيوني إلى زعيم سياسي

ولد زيلينسكي في عائلة يهودية في أوكرانيا، وقد نشأ بعيدًا عن المشهد السياسي، مفضلاً عالم الترفيه. في 2013، لم يكن جزءًا من الثورة البرتقالية ولم يشارك في احتجاجات ميدان الاستقلال، بل انتقد في البداية القيود على العروض الفنية باللغة الروسية. لكن مع تصاعد التوترات بين كييف وموسكو، بدأ موقفه يتغير تدريجيًا.

في عام 2015، قدم مسلسل “خادم الشعب“، حيث لعب دور أستاذ تاريخ يتحول إلى رئيس دولة بعد حملة ضد الفساد. لم يكن يعلم حينها أن هذا الدور سيكون بمثابة بروفة لحياته السياسية الحقيقية. وبفضل شعبيته الواسعة، خاض الانتخابات الرئاسية في 2019، محققًا انتصارًا ساحقًا بنسبة 73%، مدفوعًا بوعود بمكافحة الفساد والسعي للسلام مع روسيا.

حلم السلام وصدام الواقع

عند توليه الرئاسة، سعى زيلينسكي للحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتقدًا أن التفاوض قد ينهي الصراع المستمر منذ 2014. بل إنه أبدى استعدادًا لتجميد قضية القرم ودونباس لمدة 15 عامًا مقابل تحقيق السلام. لكن الكرملين تجاهله تمامًا، معتبرًا إياه مجرد هاوٍ سياسي.

في 24 فبراير 2022، بدأت روسيا غزوها الشامل، متوقعة سقوط كييف خلال أيام. غير أن زيلينسكي، على عكس التوقعات، رفض مغادرة البلاد، واختار البقاء في العاصمة ليقود المقاومة. تحول خطابه إلى صوت أوكرانيا في العالم، وحشد دعمًا دوليًا غير مسبوق، مما غير مسار الصراع.

أخطاء استراتيجية وتحديات سياسية

على الرغم من صموده البطولي، لم تكن مسيرة زيلينسكي خالية من الأخطاء. فقد تصادم مع رئيس أركانه، الجنرال فاليري زالوجني، وساهمت خلافاته السياسية في تأخير بعض القرارات العسكرية المهمة. كما أدى فشل الهجوم المضاد في صيف 2023 إلى تراجع الثقة في استراتيجيته الحربية.

وفي فبراير 2025، دخل في صدام مع سياسيين أمريكيين، من بينهم دونالد ترامب، ما قد يؤثر على الدعم المستقبلي لأوكرانيا.

إرث زيلينسكي ومستقبل أوكرانيا

رغم التحديات، أصبح زيلينسكي رمزًا للصمود الأوكراني، بل وأحد أهم الشخصيات المؤثرة في السياسة الأوروبية. ملحمته الشخصية، من ممثل كوميدي إلى قائد لأمة في حالة حرب، تعكس التحولات العميقة التي شهدها المشهد السياسي العالمي.

ومع استمرار الحرب، سيظل زيلينسكي في مواجهة اختبار تاريخي، قد يحدد ليس فقط مستقبل أوكرانيا، بل أيضًا ملامح النظام العالمي الجديد.

كتاب جديد يوثق المسيرة

غدًا، ستتاح الفرصة للقراء لاستكشاف رحلة زيلينسكي من خلال كتاب “زيلينسكي: الشجاعة والهشاشة“، الذي يُوزع مجانًا مع صحيفة Corriere della Sera.

يتناول الكتاب سيرته وتحدياته السياسية، محاولًا تقديم صورة متكاملة لرجل وجد نفسه في صدارة المشهد العالمي، بين البطولات والأخطاء، وبين الصمود والتحديات المستمرة.

اقرأ أيضا: