كتبت :بريجيت محمد
تواجه الجمهورية الإسلامية الإيرانية لحظة فارقة هي الأخطر منذ عقود، في ظل تصعيد عسكري مع الولايات المتحدة وإسرائيل، يقابله غياب شبه تام لأي دعم فعلي من الحلفاء التقليديين أو الشبكات الوكيلة التي بنتها طهران عبر السنوات.
ورغم الخطاب التضامني من موسكو وبكين، فإن التحركات على الأرض تعكس عزلة متزايدة لطهران، بحسب تحليل حديث لـ”بلومبرغ إيكونوميكس”.
فقد أشار محللون إلى أن روسيا والصين – رغم تحالفاتهما الاستراتيجية مع إيران – ليستا مستعدتين لتقديم دعم عسكري أو اقتصادي ملموس، نظراً لقيود استراتيجية وأولويات داخلية.
موسكو مشغولة بأوكرانيا والصين تلتزم الحذر
وعلى الرغم من توقيع اتفاق تعاون استراتيجي بين طهران وموسكو في يناير الماضي، إلا أن روسيا أوضحت أنها غير ملزمة بدعم دفاعي متبادل، ولا تنوي تزويد إيران بأسلحة، بحسب مسؤولين روس.
ويأتي ذلك في وقت تنهمك فيه موسكو في حربها في أوكرانيا، التي تستنزف قدراتها العسكرية والاقتصادية.
أما الصين، الشريك الاقتصادي الأكبر لإيران ومشتري 90% من صادراتها النفطية، فاكتفت بإدانة الهجوم الأمريكي لفظياً، دون أن تقدم أي دعم فعلي لطهران، متمسكة بسياستها التقليدية القائمة على الحذر وعدم التدخل العسكري المباشر.
دول الخليج: ضبط النفس وتحذيرات من الانفجار
من جهتها، حثت دول الخليج – وعلى رأسها السعودية والإمارات – على التهدئة، محذرة من تداعيات كارثية لأي تصعيد عسكري جديد في المنطقة. وتأتي هذه الدعوات في أعقاب جهود استمرت لأشهر لدعم مسار المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، التي طغى عليها الآن تصاعد المواجهات العسكرية.
الميليشيات الوكيلة… غائبة أو منهكة
اللافت أن الميليشيات المسلحة التي رعتها إيران لعقود، من حزب الله إلى حماس، تبدو في حالة جمود. فقد تلقى حزب الله اللبناني ضربات موجعة من إسرائيل، جعلته يعيد حساباته العسكرية، فيما تعاني حماس من آثار هجومها في 2023 وتراجع دعمها اللوجستي. كما ساهمت الضربات الإسرائيلية على مواقع النظام السوري في إضعاف قدرة طهران على استخدام الأراضي السورية كجبهة أمامية.
الاستثناء الوحيد هو الحوثيون في اليمن، الذين أطلقوا تهديدات ضد السفن الأمريكية عقب الضربات على إيران، غير أن تحركاتهم قد تعرّضهم لهجمات جديدة، كتلك التي نفذتها الولايات المتحدة في وقت سابق.
حتى البريكس صامتة
وفي ظل هذا المشهد، تبدو إيران وحيدة حتى داخل مجموعة “بريكس” التي انضمت إليها مطلع 2024، والتي لم تصدر أي موقف بشأن التصعيد العسكري ضد طهران، رغم ما ترفعه من شعارات حول بناء نظام عالمي موازٍ للهيمنة الغربية.
خلاصة المشهد: اختبار عزلة
تجد إيران نفسها الآن في اختبار عزلة استثنائي، بعد سنوات من بناء نفوذها الإقليمي عبر الحلفاء والوكلاء. فالتصعيد الحالي لم يقابَل بشبكة الدعم التي لطالما عوّلت عليها، ما يضع الجمهورية الإسلامية أمام تحديات غير مسبوقة على المستويين العسكري والسياسي.
التعليقات متوقفه