“إش إش”.. دراما الانتقام بين التألق والتشويه الإعلامي
محمد سامي وإش إش.. عندما يصبح النجاح جريمة عند البعض!
الناقد خالد محمود
في أجواء درامية مشوّقة، يعود المخرج محمد سامي بتجربة جديدة عبر مسلسل “إش إش”، الذي يستكشف عالم الانتقام والعدالة بأسلوبه السينمائي المميز. وكما هو معتاد، أثار العمل جدلًا واسعًا بين الجمهور والنقاد، ليس فقط بسبب محتواه الدرامي القوي، بل أيضًا نتيجة لحملات التنمر المنظّمة التي تستهدف العمل وصنّاعه.
التنمر الإعلامي ومحاولات فرض الذوق العام
في ظل الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، باتت بعض الأعمال الفنية تُحاكم علنًا من خلال حملات منظمة، تسعى لفرض آراء معينة وإسكات كل من يخالفها.
مسلسل “إش إش” ليس استثناءً، حيث وجد جمهوره نفسه في مواجهة سخرية لا تتعلق بجودة العمل بقدر ما تعكس محاولات لطمس التنوع الفني.
لا أحد ينكر وجود مشاهدين لم يستهويهم المسلسل، وهذا أمر طبيعي، ولكن التنمر على الجمهور الذي أعجب به يعكس ظاهرة جديدة من الإرهاب الفكري، حيث يخشى البعض من التعبير عن إعجابهم خوفًا من الهجوم الإلكتروني أو السخرية المتكررة.
حبكة درامية متماسكة وقصة مشوّقة
يتميز “إش إش” بقصة تجمع بين عناصر الإثارة والانتقام، حيث تبدأ الأحداث بشاب مستهتر يخدع راقصة شابة بزواج وهمي، مما يغير مسار حياتها بالكامل. سرعان ما تتكشف الأسرار، لنكتشف أن هناك ماضيًا معقدًا بين أسرتي البطل والمخدوعة، فتقرر الأخيرة استعادة حقها بأي ثمن.
محمد سامي يعرف جيدًا كيف يستخدم تيمة “البطل المظلوم ورحلة الانتقام”، بأسلوب سينمائي يجذب المشاهدين ويجعلهم يتابعون بشغف.
تميز في الأداء التمثيلي
ماجد المصري – أداء مبهر

في هذا العمل، يتألق ماجد المصري بشكل استثنائي، حيث قدم أداءً يليق بنجوم الصف الأول، مع حضور قوي يجعله من أبرز مفاجآت الموسم.
مي عمر – الجمال والموهبة
أثبتت مي عمر أنها ليست مجرد وجه جميل، بل تمتلك موهبة قوية جعلتها تقدم دورها بصدق وانسجام، بعيدًا عن التصنّع والمبالغة.
هالة صدقي – حضور طاغٍ رغم التكرار
رغم أدائها القوي، إلا أن شخصية صفصف التي قدمتها في “جعفر العمدة” لا تزال تلاحقها، مما يجعل الحاجة إلى تنويع الأدوار أمرًا ضروريًا.
إدوارد – ذكاء الأداء
قد لا يكون إدوارد من أكثر الممثلين موهبة، لكنه يمتلك كاريزما وذكاء يساعدانه على اختيار الأدوار المناسبة وإيصالها للجمهور بإقناع.
محمد الشرنوبي – نجم قادم بقوة
يثبت الشرنوبي مجددًا أنه من أقوى المواهب الشابة، حيث قدم أداءً متوازنًا بين القوة والضعف، مما يجعله منافسًا قويًا في الساحة الفنية.
محمد سامي: مخرج مثير للجدل لكنه ناجح بلا شك
لا يمكن الحديث عن “إش إش” دون الإشارة إلى محمد سامي، المخرج الذي استطاع أن يخلق أسلوبًا خاصًا به، يتميز بالإيقاع السريع والمشاهد المؤثرة والموسيقى التي تعزز الحالة الدرامية. صحيح أن هناك بعض المبالغات في استخدام الموسيقى التصويرية، لكن لا يمكن إنكار أنه يعرف كيف يجذب الجمهور ويحافظ على انتباههم حتى اللحظة الأخيرة.
رسالة العمل وقيمته الفنية
بعيدًا عن الجدل، يقدم “إش إش” طرحًا اجتماعيًا مهمًا دون الوقوع في فخ الخطابية المباشرة. من خلال الأحداث المشوقة، يسلط الضوء على قضايا مثل الزواج السري، والتسرع في اتخاذ القرارات المصيرية، وتأثير الماضي على الحاضر. الرسائل تأتي ضمن السياق الدرامي دون وعظ صريح، مما يجعلها أكثر تأثيرًا.
“إش إش” في مواجهة الإرهاب الفكري
في النهاية، يبقى تقييم الأعمال الفنية مسألة شخصية، ومن حق أي شخص أن يحب أو يكره أي عمل دون التعرض للتنمر أو السخرية. مسلسل “إش إش” تجربة درامية ناجحة حققت نسب مشاهدة عالية رغم الحملات المنظمة ضده، مما يثبت أن الجمهور لا يزال هو الحكم الأول والأخير في نجاح أي عمل فني.
——————
اقرأ للكاتب:
حنين الشاعر وشبابه الضائع: تحليل قصيدة ‘يا جارة الوادي
الآبائية والكهنوت في ميزان الفكر الحديث: حوار مع الكاتب المغربي يوسف هريمة
الحرب الدينية: بين التجارة والإنسانية
العقل في مواجهة الدين والفلسفة: استكشاف العلاقة بين الإيمان والمنطق
الابتكار الأدبي: ليس في الفكرة فقط بل في الأسلوب
التسامح بين الأديان: حقيقة أم وهم؟
التعليقات متوقفه