جدل حول تصريحات ميلوني بشأن “الإبادة الجماعية الفلسطينية”: بين سوء الفهم والتمسك بالموقف الرسمي

إيطاليا- نجاة أبو قورة

أثار مقطع فيديو انتشر سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بعدما ظهرت فيه رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وهي تنطق عبارة “الإبادة الجماعية الفلسطينية”، ما فُسّر من قبل ناشطين على أنه اعتراف رسمي بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة.

الفيديو، الذي نشره حساب فلسطين الحرة على إنستغرام، صُوّر أثناء خروج ميلوني من حفل فرقة الكيبوب Blackpink في ميلانو، حيث رافقت ابنتها مساء الأربعاء الماضي. في المشهد، يطلب أحد الناشطين من ميلوني أن تقول “كأم، كلمة للإبادة الجماعية الفلسطينية”، فترد — وهي على ما يبدو منزعجة ومباغتة بالسؤال — بعبارة: “أنا أعمل كل يوم على الإبادة الجماعية الفلسطينية”، قبل أن تتبعها بسجال قصير تؤكد فيه أن إيطاليا “حررت أكبر عدد من الأطفال” وأن السلام لا يتحقق بهذه الطريقة، رداً على اتهامات الناشط بتزويد إسرائيل بالسلاح.

مديرو حساب فلسطين الحرة اعتبروا أن هذه اللحظة “أجبرت” ميلوني على الاعتراف العلني لأول مرة بالإبادة الجماعية في غزة، مطالبين بالتحرك لوقفها، ومشيرين إلى ما وصفوه بـ”التواطؤ الإيطالي” في استمرارها. الموقف ذاته تبناه أنجيلو بونيلي، القيادي في تحالف الخضر واليسار، الذي قال إن تصريحات ميلوني تمثل اعترافاً صريحاً، متسائلاً عن سبب عدم اتخاذها خطوات عملية لوقف التعاون العسكري مع إسرائيل.

لكن القراءة الحكومية للأحداث كانت مختلفة تماماً. مصادر في روما أوضحت أن ميلوني لم تُدلِ باعتراف رسمي، وأن ردها اقتصر على ترديد كلمات الناشط ربما تحت تأثير عنصر المفاجأة، دون أن يشكل ذلك تغييراً في موقف الحكومة.

وزير الخارجية أنطونيو تاجاني كان قد جدّد قبل يوم واحد من الحادثة الموقف الرسمي الرافض لوصف ما يجري في غزة بـ”الإبادة الجماعية” وفق التعريف القانوني الدولي، معتبراً أن “الإبادة الجماعية تعني قراراً مسبقاً لإبادة شعب بالكامل، كما فعل هتلر ضد اليهود”، مضيفاً: “ما يحدث في غزة مروع وغير مقبول، لكن لا يرقى إلى التعريف القانوني للإبادة الجماعية، بل هو حرب تؤذي المدنيين بشكل يتجاوز كل الحدود”.

بذلك، يبقى الموقف الرسمي الإيطالي على حاله: إدانة للأعمال الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين، لكن دون تبني توصيف “الإبادة الجماعية”، رغم الجدل الشعبي والسياسي الذي فجره مقطع الفيديو القصير.