أول عملية زرع شريان رئوي في العالم تفتح آفاقًا جديدة لعلاج سرطان الرئة

0 53

ترجمة : د/ سارة غنيم

إنجاز طبي في روما

شهد مستشفى جامعة سانت أندريا في روما إنجازًا طبيًا غير مسبوق. أجرى فريق بقيادة البروفيسور إرينو أ. ريندينا، مدير جراحة الصدر وعميد كلية الطب بجامعة سابينزا، أول عملية زرع شريان رئوي في العالم لمريضة تجاوزت السبعين من العمر. كانت المريضة تعاني من سرطان رئة متسلل، وكان الأطباء يعتبرون حالتها غير قابلة للجراحة سابقًا.

تفاصيل العملية

استغرقت الجراحة أكثر من أربع ساعات. أزال الأطباء الرئة اليسرى بالكامل واستبدلوا الشريان الرئوي الرئيسي بجزء من شريان بشري محفوظ بالتبريد يبلغ طوله نحو خمسة سنتيمترات. جاء الجزء من بنك الأنسجة في برشلونة، وتوافق تمامًا مع حجم أوعية المريضة.
بعد أربعة أسابيع من الجراحة، خرجت المريضة من المستشفى بصحة جيدة ودون مضاعفات.

إشادة من الخبراء

وأشارت صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية إلى أن العملية دفعت حدود العلاج الجراحي لسرطان الرئة إلى آفاق جديدة.
وقال البروفيسور ألبرتو نوسوتي، مدير وحدة جراحة الصدر وزراعة الرئة في بوليكلينيكو دي ميلانو، إن الإجراء كان معقدًا للغاية. وأضاف أن الفريق اضطر إلى إيقاف القلب مؤقتًا واستخدام الدورة الدموية خارج الجسم أثناء إزالة الشريان المصاب واستبداله بنسيج بشري نقي من بنك الأنسجة.

ابتكار شابين في جراحة الصدر

أشارت الصحيفة إلى أن الفكرة جاءت من اثنين من الجراحين الشباب، الدكتورة سيسيليا مينا والدكتورة بياتريس ترابالزا مارينوتشي. تخيلت الجراحتان إمكانية استبدال الوعاء المصاب بالكامل بنسيج بشري متوافق حيويًا.
قالت الدكتورة مينا إن “الابتكار في العملية هو استبدال الشريان الرئوي عند منشئه في القلب بأنسجة بشرية محفوظة بالتبريد”، مما أتاح إزالة الورم كليًا مع الحفاظ على سلامة الدورة الدموية.

طريق طويل قبل الجراحة

بدأت المريضة رحلة علاجية معقدة تضمنت العلاج المناعي والعلاج الكيميائي الحديث. ساعد العلاج على تقليص حجم الورم، لكن لم يكن ذلك كافيًا لإجراء جراحة تقليدية. وأوضح البروفيسور ريندينا:

“تراجع الورم جزئيًا، لكن لم يكن أحد يعتقد أن الجراحة ممكنة. عندها قررنا تجربة نهج مختلف أثبت نجاحه.”

يوم العملية

في 17 يوليو، دخل الفريق غرفة العمليات عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا. استخدم الأطباء جهاز الدورة الدموية خارج الجسم، وأزالوا الشريان الرئوي بالكامل من القلب حتى الجهة المؤدية إلى الرئة اليمنى. ثم أزالوا الرئة اليسرى وأعادوا بناء مجرى الدم باستخدام الشريان المزروع المحفوظ بالتبريد.
بعد الجراحة، استيقظت المريضة بسرعة وتمكنت من التنفس والتحدث بشكل طبيعي.

نتائج مبهرة

أظهرت الفحوصات الإشعاعية أن الشريان المزروع يعمل بكفاءة تامة وأن تدفق الدم من القلب إلى الرئة اليمنى عاد لطبيعته. لم تحتج المريضة إلى أدوية مثبطة للمناعة أو مضادات تخثر، لأن النسيج المزروع كان متوافقًا تمامًا مع جسمها.
بعد أربعة أسابيع فقط، عادت إلى منزلها وعائلتها وهي في صحة جيدة.

خطوة علمية غير مسبوقة

أكد البروفيسور ريندينا أن العملية كانت الأولى من نوعها في العالم لمرضى سرطان الرئة. وقال:

“استبدلنا الشريان المصاب بشريان بشري آخر، وهو أمر لم يتخيله أحد من قبل. هذه ليست ثورة، لكنها فرصة جديدة للعلاج.”

وتابعت كوريري ديلا سيرا في ختام تقريرها أن هذا الإنجاز “يفتح باب الأمل أمام مرضى سرطان الرئة الذين كان يُعتبر علاجهم مستحيلاً في السابق”، ويمثل خطوة علمية وإنسانية بارزة في تاريخ جراحة الصدر.

Visited 8 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق