91 عاماً من الإبداع… أرماني يترك بصمة لا تمحى في تاريخ الموضة
إيطاليا تنعى جورجيو أرماني… رمز الأناقة والصلابة الاقتصادية
كتبت: سارة غنيم
ميلانو – 4 سبتمبر 2025
فقد عالم الموضة واحدًا من أبرز رموزه وأكثرهم تأثيرًا، بوفاة المصمم الإيطالي الأسطوري جورجيو أرماني عن عمر ناهز 91 عامًا. المصمم الذي لُقّب بـ”الملك جورج” لم يكن مجرد أيقونة إبداعية، بل كان أيضًا أحد أقوى رجال الأعمال وأكثرهم استقلالية في صناعة الأزياء العالمية.
ثروة هائلة واستقلال نادر
طوال مسيرته، جمع أرماني بين الدور الإبداعي والإداري داخل إمبراطوريته التي أسسها قبل أكثر من نصف قرن.
راتبه السنوي تراوح بين 5 و10 ملايين يورو بفضل موقعه التنفيذي والفني.
ثروته الشخصية قُدّرت بما بين 6 و7 مليارات دولار وفق “فوربس”، مدعومة بصافي إيرادات بلغ 2.3 مليار يورو في 2024.
ما ميّزه عن غيره من كبار المصممين هو تمسّكه الكامل بالاستقلالية ورفضه إدخال شركاء، ما جعله أحد آخر “العمالقة المنفردين” في عالم الأزياء.
هوس بالسيطرة والعمل
لم يخفِ أرماني يومًا شغفه بالتحكّم بكل تفاصيل عمله. ففي مقابلة مع فاينانشال تايمز قبل أسابيع من رحيله، قال:
“أكبر نقطة ضعف لدي هي أنني أتحكم في كل شيء”.
حتى خلال وعكاته الصحية الأخيرة، واصل متابعة عروض الأزياء الثلاثة التي نُظّمت هذا الصيف عبر تقنية الاتصال المرئي، مشرفًا على كل التفاصيل من التصاميم وحتى المكياج.
معرض بريرا… وأسلوب خالد
كان أرماني يستعد للاحتفال بالذكرى الخمسين للدار التي تحمل اسمه بمعرض كبير في Pinacoteca di Brera، أول معرض أزياء تحتضنه هذه المؤسسة الفنية العريقة في ميلانو.
وقد أكّد أن كل ما سيُعرض خضع لموافقته الشخصية، في دلالة على مدى التصاق العلامة التجارية بشخصه.
أسلوبه الذي جمع بين البساطة والأناقة الخالدة ظل بعيدًا عن الصيحات السريعة، ليبقى حاضرًا عبر الأجيال:
“إذا كان ما ابتكرته قبل نصف قرن لا يزال يُقدَّر من شباب اليوم، فهذه أعظم مكافأة لي”.
الخلافة والاستمرارية
كان أرماني واعيًا لمسألة الخلافة، إذ أعلن مرارًا أن انتقال المسؤوليات سيكون تدريجيًا نحو أقرب مساعديه، وعلى رأسهم ليو ديل أوركو، إلى جانب أفراد عائلته وفريقه الداخلي.
خطوة أرادها أن تتم “من دون انقطاع”، لضمان استمرار إرثه الإبداعي والاقتصادي.
الأسف الوحيد والإرث العظيم
وصف أرماني نفسه دومًا بأنه “مدمن عمل”، معترفًا بندم وحيد: “قضيت ساعات طويلة في العمل ولم أمنح وقتًا كافيًا للأصدقاء والعائلة”.
لكن ما تركه يتجاوز حدود الموضة: إرث ثقافي، فني، واقتصادي سيبقى راسخًا باسم “ملك الموضة”.
مراسم الوداع
سيفتتح بيت العزاء في Armani/Teatro – Via Bergognone 59 في ميلانو يومي 6 و7 سبتمبر من التاسعة صباحًا حتى السادسة مساءً.
الجنازة ستُقام بشكل خاص، وفق رغبة المصمم الراحل، بحضور محدود لأسرته والمقربين منه.
حتى أيامه الأخيرة، ظلّ بجانبه شريكه منذ عقدين ليو ديل أوركو، إضافة إلى عائلته. وكانت صحته قد تدهورت بعد إصابته بالتهاب رئوي، قبل أن تتفاقم حالته بشكل مفاجئ مؤخرًا.
إرث لا يُمحى
برحيل جورجيو أرماني، يطوي عالم الأزياء فصلًا استثنائيًا في تاريخه، لكن إرث الرجل الذي جمع بين الأناقة والصلابة والإبداع والإدارة سيبقى حاضرًا لعقود قادمة.