“أريحا من جديد؟” نصف الإسرائيليين يبررون الإبادة الجماعية في غزة و82٪ يدعمون الترحيل القسري للفلسطينيين

0 206

إعداد: القسم الدوليصحيفة (الجمهورية والعالم)

بريجيت محمد 
في ظل مشهد دموي تعيشه غزة منذ شهور، وعلى وقع المجازر المتكررة بحق المدنيين، كشفت نتائج استطلاع رأي جديد أجري في مارس الماضي عن مؤشرات مقلقة تعكس تصاعدًا خطيرًا في توجهات الرأي العام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، وتحديدًا سكان قطاع غزة.

الاستطلاع، الذي أجرته جامعة ولاية بنسلفانيا ونشرت نتائجه صحيفة هآرتس الإسرائيلية مؤخرًا، يكشف عن تأييد واسع في المجتمع الإسرائيلي لخطاب الإبادة الجماعية والترحيل القسري، مع أرقام تعكس تراجعًا حادًا في قيم التعايش وحقوق الإنسان، حتى بين من يُصنفون تقليديًا على أنهم معتدلون أو ليبراليون.

أرقام تُنذر بالخطر: 82% من اليهود الإسرائيليين يؤيدون الترحيل

النتيجة الأبرز في الاستطلاع – الذي شمل عينة من 1,005 مشاركين – هي أن 82% من اليهود الإسرائيليين يؤيدون ترحيل الفلسطينيين من غزة. هذه النسبة تمثل إجماعًا واسعًا يتجاوز الانتماءات السياسية أو الدينية، ما يعكس تطبيعًا لفكرة الطرد الجماعي في الخطاب والمخيلة العامة الإسرائيلية.

لكن الأخطر أن 47% من المستطلعين وافقوا على أن يتصرف الجيش الإسرائيلي وفق رواية غزو “أريحا التوراتية” – أي إبادة جميع السكان، كما جاء في سفر يشوع، وهي إشارة رمزية لطرد جماعي وقتل جماعي غير مقيّد بأعراف أو قوانين حرب.

العلمانيون ليسوا استثناءً: 70% يؤيدون الترحيل

اللافت في نتائج الاستطلاع أن تأييد الترحيل القسري لا يقتصر على الفئات المتدينة أو اليمينية المتطرفة. فحوالي 70% من اليهود العلمانيين – غالبًا ما يُنظر إليهم بوصفهم “الحمائم” أو المعتدلين سياسيًا – أبدوا تأييدهم لطرد الفلسطينيين من غزة. أما بين المتدينين التقليديين واليهود الأرثوذكس، فقد تجاوز التأييد حاجز 90%.

يتسع التوجه الراديكالي ليشمل حتى الفلسطينيين من داخل إسرائيل: 56% من اليهود الإسرائيليين يؤيدون ترحيل المواطنين الفلسطينيين من الداخل، وبين العلمانيين، أبدى 38% تأييدهم لهذا الطرد الجماعي.

عماليقحاضر في الخطاب السياسي والديني

نتائج الاستطلاع كشفت أيضًا عن تصاعد استخدام الخطاب الديني المتطرف لتبرير العنف، إذ أفاد 65% من اليهود الإسرائيليين بأن هناك “عدوًا حديثًا يعادل عماليق التوراتي” – وهم شعب ورد في العهد القديم أن القضاء عليهم واجب مقدّس دون حتى ترك ذكرى لهم.

ومن بين هؤلاء، يعتقد 93% أن وصية الإبادة لا تزال سارية حتى اليوم. هذا الخطاب، الذي يُستلهم من نصوص دينية قديمة، بدأ يظهر بوضوح في لغة القادة الإسرائيليين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي حثّ جنوده على “العمل ضد عماليق” في أعقاب هجمات 7 أكتوبر 2023.

أكاديميون: “ما نراه اليوم هو حصاد عقود من التحريض المؤسسي

بحسب الباحثين شاي حزكاني (جامعة ميريلاند) وتامر سوريك (جامعة ولاية بنسلفانيا)، فإن هذا الانزلاق نحو التطرف ليس وليد لحظة أو صدمة طارئة، بل هو نتيجة عقود من “التحريض المؤسسي المنهجي”.

يقول الباحثان في تحليلهما المنشور عبر موقع Middle East Eye:

“لقد فجّرت مجازر 7 أكتوبر شياطين زرعت منذ عقود، عبر الإعلام، والنظام القضائي، والمناهج التعليمية، التي غذّت الخوف والكراهية تجاه الفلسطينيين.”

يشير التقرير إلى أن البيئة العسكرية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل هذا الوعي: فقط 9% من الذكور اليهود تحت سن الأربعين – وهي الفئة العمرية التي تضم الغالبية من الجنود – أعربوا بوضوح عن معارضتهم لترحيل سكان غزة.

إسرائيل تواجه مرآتها الأخلاقية

تكشف هذه الأرقام عن تحوّل كبير في بنية التفكير الجمعي داخل المجتمع الإسرائيلي، ليس فقط على المستوى السياسي، بل الأخلاقي أيضًا. التطبيع مع فكرة الإبادة والطرد الجماعي، واستخدام الدين لتبرير ذلك، يضع إسرائيل أمام مأزق أخلاقي وإنساني غير مسبوق، ويفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مدى التزامها بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.

في ظل هذا المناخ المشحون، تتحول غزة – بأطفالها ومدنييها – إلى ضحية لمجتمع يرى في الإبادة مبررًا، وفي الطرد حلاً، وفي الدين سيفًا لا ضابط له.

Visited 17 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق