أوروبا تغيّر نبرتها: انتقادات متصاعدة لإسرائيل ومطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية
برلين – باريس – بروكسل | 29 مايو 2025
في تحول لافت في المواقف الأوروبية تجاه الصراع في غزة، تتصاعد الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل، وسط دعوات متزايدة لاتخاذ خطوات فعلية لإنهاء العمليات العسكرية، وفرض عقوبات محتملة، بل وإعادة النظر في صفقات الأسلحة.
بعد شهور من الدعم غير المشروط منذ هجوم 7 أكتوبر، تتباين مواقف الدول الأوروبية بصورة واضحة، وسط خلافات علنية وإهانات متبادلة.
من جهة أخرى، ألمحت ألمانيا للمرة الأولى إلى مراجعة صادراتها العسكرية إلى إسرائيل، إذ لمح وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، إلى أن بلاده تدرس وقف تصدير الأسلحة إلى تل أبيب، قائلًا: “من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، لكننا نقيّم ما إذا كانت العمليات الجارية في غزة تتماشى مع القانون الدولي، وسنتصرف بناءً على هذا التقييم”.
ماكرون يصعّد.. وإسرائيل ترد بغضب

في السياق نفسه، اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفًا أكثر حدة، معلنًا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بات “واجبًا أخلاقيًا ومطلبًا سياسيًا“، داعيًا الأوروبيين إلى توحيد صفوفهم واتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل، محذرًا من “فقدان الغرب لمصداقيته عالمياً” إذا ما واصل غض الطرف عن معاناة الفلسطينيين، في حين يتعامل بصرامة مع أزمات أخرى كأوكرانيا.
بالمقابل، جاءت ردة الفعل الإسرائيلية سريعة وغاضبة. فقد اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية ماكرون بأنه “يشن حملة صليبية ضد الدولة اليهودية”، في حين وصف وزير الدفاع يسرائيل كاتس دعوات الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأنها “مصيرها مزبلة التاريخ”، مؤكدًا أن إسرائيل ستواصل توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.
إيطاليا تدعو للسلام.. وأوروبا تبتعد عن الإجماع

من جهتها، دعت الحكومة الإيطالية مجددًا إلى إنهاء الحرب، في موقف يعكس اتجاهاً أوروبياً متزايداً نحو مراجعة الدعم المطلق لإسرائيل.
وبدت إسبانيا، التي كانت حتى وقت قريب تغرد خارج السرب بدعواتها لفرض عقوبات وحظر السلاح، تجد الآن آذانًا أكثر استعداداً للاستماع.
في الأثناء، تتكثف الضغوط الأوروبية بعد انهيار الآمال في تطبيق خطة التهدئة الأخيرة، المعروفة بـ”مبادرة ويتكوف”، بالتزامن مع تصعيد إسرائيلي جديد في الضفة الغربية تمثل في المصادقة على بناء 22 مستوطنة جديدة، اعتُبرت رسالة استفزازية للمجتمع الدولي والفلسطينيين.
إسرائيل تواصل التصعيد.. وغزة تئن
في الوقت نفسه، لا تزال غزة تشهد أوضاعًا إنسانية كارثية، مع استمرار القصف وتقييد دخول المساعدات، ما أدى إلى تفشي المجاعة وانهيار الخدمات الأساسية.
وقد تفاقم الوضع بعد اعتماد إسرائيل لنظام جديد لتوزيع المساعدات، ترفضه الأمم المتحدة، معتبرةً أنه يُقيد الوصول إلى المحتاجين.
وفي ضوء هذا التصعيد، كرر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، دعوته لاجتياح غزة بالكامل، قائلاً إن “الوقت قد حان لاستخدام القوة الكاملة دون تردد”.
وأضاف أن “الارتباك والضعف يجب أن ينتهيا”، ما يعكس تشددًا إضافيًا في الموقف الإسرائيلي، رغم الإدانات الدولية المتزايدة.
موقف دولي آخذ في التغيّر
نتيجة لذلك، يبدو أن إسرائيل تواجه عزلة متزايدة على الساحة الدولية، حيث تتجه أوروبا نحو مراجعة علاقاتها مع الحكومة الإسرائيلية، في ظل مطالبات شعبية متزايدة بوقف الحرب ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
ويُرجّح أن تؤدي هذه التحولات إلى إعادة رسم خريطة العلاقات الأوروبية-الإسرائيلية، لا سيما إذا قررت المزيد من الدول الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
اقرأ أيضا:
إسرائيل ترد بغضب على ماكرون: الاعتراف بفلسطين “مكافأة للإرهاب”