“الرئيس الفقير: قصة إنسان هزّ العالم بتواضعه”

"بيبي موخيكا: الرجل الذي فتح قلبه وقصره للمشردين"

442

كتبت : نجاة أبو قورة

رحل عن عالمنا خوسيه “بيبي” موخيكا، الرئيس الأسبق للأوروغواي، بعد صراع طويل مع مرض السرطان، عن عمر يناهز 89 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا سياسيًا وإنسانيًا نادرًا، جعله يُلقّب بـ”أفقر رئيس في العالم” وأحد أبرز رموز اليسار في أمريكا اللاتينية.

اشتهر موخيكا بأسلوب حياته المتقشف والبسيط، إذ كان يتبرع بنحو 90% من راتبه الرئاسي، الذي يقدّر بحوالي 8 آلاف يورو شهريًا، لصالح الجمعيات الخيرية.

وخلال فترة رئاسته بين عامي 2010 و2015، فضّل العيش في مزرعة متواضعة تملكها زوجته – وهي عضوة في مجلس الشيوخ – بالقرب من العاصمة مونتفيديو، بدلًا من الإقامة في القصر الرئاسي.

وقد عبّر عن فلسفته الحياتية ببساطة قائلاً: “أنا لست فقيرًا، الفقراء هم من يحتاجون الكثير ليعيشوا. أنا أعيش بالقليل”.

رئيس فتح أبواب القصر للمشرّدين

في عام 2014، وخلال موجة برد قارس، فتح موخيكا أبواب القصر الرئاسي أمام المشردين بعد امتلاء مراكز الإيواء، في خطوة نادرة تعكس رؤيته الإنسانية العميقة.

وقد وثّق المخرج الصربي الشهير أمير كوستوريتسا حياة موخيكا في فيلم وثائقي بعنوان “رحيل أفقر رئيس في العالم”، عُرض خلال مهرجان البندقية السينمائي عام 2018، وألقى الضوء على رحلة استثنائية لرجل عاش من أجل مبادئه.

من الكفاح المسلح إلى قمة السلطة

وُلد خوسيه موخيكا في 20 مايو 1935، وخاض تجربة ثورية مبكرة في صفوف حركة “توباماروس”، وهي منظمة يسارية مسلّحة تأسست في الستينيات وسعت لإعادة توزيع الثروة.

شارك في عمليات مسلحة انتهت باعتقاله، فقضى أكثر من 10 سنوات في السجن، معظمها في الحبس الانفرادي، في ظروف قاسية حُرم فيها حتى من الاستحمام لمدة عامين.

وبعد عودة الديمقراطية إلى الأوروغواي عام 1985، أُطلق سراحه، وساهم لاحقًا في تأسيس “حركة المشاركة الشعبية”، حيث خاض غمار السياسة عبر الوسائل السلمية، وفاز في انتخابات عام 2009، ليُنتخب رئيسًا للبلاد.

الأوروغواي: دولة صغيرة بمكانة كبيرة

تقع الأوروغواي في جنوب شرق أمريكا اللاتينية، وتحدّها البرازيل من الشمال، ونهر الأوروغواي من الغرب، والأرجنتين من الجنوب. وهي ثاني أصغر دولة في أمريكا الجنوبية بعد سورينام، ويقدّر عدد سكانها بحوالي 4 ملايين نسمة.

العاصمة مونتفيديو، التي تأسست كمقر عسكري إسباني في القرن الـ18، لعبت دورًا تاريخيًا مهمًا في صراع النفوذ بين إسبانيا والبرتغال والأرجنتين، حتى أعلنت البلاد استقلالها عام 1825. تُعرف الأوروغواي اليوم بتقدمها الاجتماعي واهتمامها بحقوق الإنسان، إضافة إلى شغفها الكبير بكرة القدم.

المسلمون في الأوروغواي

رغم أن الغالبية العظمى من سكان الأوروغواي يعتنقون المسيحية، إلا أن هناك أقليات دينية تشمل المسلمين، الذين يُقدّر عددهم بنحو 1500 شخص، معظمهم من أصول فلسطينية ولبنانية وسورية.

لا توجد مساجد تقليدية في البلاد، بل مراكز إسلامية يتبع لها مصليات صغيرة. ويعد المركز الثقافي الإسلامي المصري في مونتفيديو، الذي تأسس عام 1982، أحد أقدم هذه المراكز، ويتولى رئاسته حاليًا الشيخ سمير سليم، وهو مصري يعمل على تعليم اللغة العربية ونشر التعاليم الإسلامية. وتُلقى خطب الجمعة فيه باللغتين العربية والإسبانية.

Visited 63 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه