الصحف الإيطالية:من الأزهر إلى بكين.. مسيرة البابا فرنسيس في التقريب بين الشعوب

وثيقة "الأخوة الإنسانية" ومبادرات التقارب مع الإسلام تتصدر إرث الحبر الأعظم

434

الصحافة الإيطالية تشيد بإرث البابا فرنسيس: داعية السلام وصاحب الرؤية في زمن الاضطراب

كتبت: سارة غنيم

نشرت الصحف الإيطالية اليوم صورة مؤثرة تجمع البابا الراحل فرنسيس بشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، في إشارة رمزية إلى مسيرته التي وُصفت بأنها “بطولية” في زمن مليء بالتحديات الجيوسياسية والدينية.

وأكدت صحيفة Quotidiano.Net أن البابا فرنسيس، الذي حمل على عاتقه مسؤولية الكنيسة الكاثوليكية منذ تنصيبه، كان يتمتع برؤية متقدمة وغالبًا ما كانت سابقة لزعماء العالم السياسيين، تجاه عالم تتهاوى فيه التوازنات بشكل متسارع، ويصبح فيه خطر الصراعات واقعًا محتملاً. وقد تميزت حبريته بالدبلوماسية النشطة والسعي المستمر للمصالحة والوساطة، وخاصة في النزاعات الكبرى مثل الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن جهود البابا في التوسط بين موسكو وكييف، خاصة في ملف تبادل أسرى الحرب وإعادة الأطفال الذين تم فصلهم عن عائلاتهم، جاءت بدافع إنساني عميق، رغم ما تعرّض له من انتقادات تتهمه بـ”اللين” تجاه الكرملين. غير أن هذا الموقف برهن على التزامه الراسخ برفض العنف، حتى في حال الدفاع عن النفس، وسعيه المستمر إلى تحقيق سلام يحفظ كرامة الإنسان.

وعلى الرغم من التباينات الفكرية بين الفاتيكان وبعض الحكومات الغربية، مثل إدراج فرنسا لحق الإجهاض في الدستور، لم يقطع البابا فرنسيس جسور التواصل مع أحد. ورغم غيابه عن مراسم افتتاح كاتدرائية نوتردام في ديسمبر الماضي، إلا أن علاقاته بالرئاسة الفرنسية ظلت إيجابية، خاصة بفضل تقاربه مع الرئيس إيمانويل ماكرون في قضايا البيئة.

أما على صعيد الحوار بين الأديان، فقد أبرزت الصحف الإيطالية أهمية زيارة البابا إلى دولة الإمارات عام 2019، والتي شهدت توقيع “وثيقة الأخوة الإنسانية” مع الإمام الأكبر أحمد الطيب. ووصفت هذه الخطوة بأنها بداية لعصر جديد من التقارب بين الأديان، وسعت إلى ترسيخ مفاهيم التسامح، والحرية الدينية، والسلام، والدفاع عن حقوق المسيحيين في الدول ذات الأغلبية المسلمة.

وخصصت الصحف مساحة للحديث عن العلاقة المتميزة التي بناها البابا مع العالم العربي، خاصة في قضايا الشرق الأوسط، والدور الذي لعبه الفاتيكان في الدعوة إلى سلام عادل في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أشارت إلى العلاقة الخاصة التي جمعت البابا بمدينة القدس، حيث عيّن في 2023 الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا بطريركًا للقدس للاتين، نظراً لخبرته الطويلة في المنطقة.

ولم يقتصر تفاعل البابا مع الأزمات على الجانب الرسمي فحسب، بل حرص على التواصل شخصيًا مع الكنائس والمؤمنين في غزة لتقديم الدعم الروحي والإنساني خلال التصعيدات الأخيرة.

أما الملف الأكثر حساسية في حبريته، بحسب التقارير، فكان العلاقات مع الصين. فقد شهد عام 2018 توقيع اتفاق تاريخي مع بكين سمح للفاتيكان بالتدخل في تعيين الأساقفة، مما خفف التوترات بين الكنيسة “الرسمية” والكنيسة “السرية” هناك. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً، فإن البابا فرنسيس مهّد السبيل لمن سيخلفه لمواصلة هذا المسار.

بكل ما حملته حبريته من تحديات وإنجازات، تُجمع الصحافة الإيطالية على أن البابا فرنسيس كان “صوتًا عالميًا شجاعًا” سعى لإعادة الروح للكنيسة، ووضع الإنسان والعدالة والسلام في قلب رسالته.

اقرأ أيضا:
رحيل “بابا الشعب”: وفاة البابا فرنسيس تهزّ العالم 
الرئيس الإيطالي: لقاءات شيخ الأزهر والبابا فرنسيس تسعد قلوب الملايين حول العالم

Visited 15 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه