بلوشستان تعلن استقلالها من جانب واحد وتفجر أزمة جديدة في باكستان
في تطور دراماتيكي قد يعيد تشكيل خريطة جنوب آسيا، أعلن زعيم انفصالي بلوشي بارز، مير يار بلوش، استقلال إقليم بلوشستان الباكستاني من طرف واحد، مشعلًا بذلك جبهة داخلية جديدة في باكستان التي تواجه بالفعل توترات مستمرة مع الهند في إقليم كشمير.
الزعيم البلوشي، المعروف بقيادته لجيش تحرير بلوشستان (BLA)، نشر إعلان الاستقلال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن بلوشستان “لم تكن يوماً جزءاً من باكستان”، متهماً إسلام آباد بارتكاب “سنوات من جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” ضد شعب بلوشستان.
عملية عسكرية تصعيدية
هذا الإعلان جاء بعد أيام فقط من تنفيذ جيش تحرير بلوشستان عملية عسكرية واسعة أطلق عليها اسم “هَيروف 2.0″، شملت 78 هجوماً منسقاً استهدفت مواقع عسكرية وبنى تحتية أمنية في 58 موقعاً داخل الإقليم، مما أسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى، بحسب تقارير محلية.
وفي منشورات أخرى، دعا مير يار بلوش الهند إلى الاعتراف بما سماها “جمهورية بلوشستان الديمقراطية” وفتح سفارة لها في نيودلهي، في خطوة أثارت استياء شديداً في إسلام آباد، ورفعت حدة التوتر السياسي والأمني في المنطقة.
دعم شعبي وتحرك ميداني
قال الزعيم الانفصالي إن “شعب بلوشستان نزل إلى الشوارع في كافة أنحاء الإقليم المحتل”، مؤكدًا أن هذا التحرك يعكس “إرادة وطنية واضحة لاستقلال الإقليم”.
وأشار إلى أن إعلان الاستقلال ليس جديدًا، بل يعود إلى 11 أغسطس 1947، لحظة مغادرة البريطانيين للإقليم، قبل أن تفرض باكستان سيطرتها عليه لاحقًا.
تحديات داخلية وخارجية لإسلام آباد
يمثل تصاعد النزعة الانفصالية البلوشية تحدياً مضاعفاً لباكستان، التي لا تزال تتعامل مع توترات مستمرة على حدودها الشرقية مع الهند بسبب النزاع التاريخي على كشمير.
وقد استغلت بعض وسائل الإعلام الهندية هذه التطورات، معيدة نشر إعلان بلوش، في ما يُفسر كدعم غير مباشر للمطالب البلوشية، وهو ما اعتبرته إسلام آباد تدخلاً مرفوضاً في شؤونها الداخلية.
في سياق ميداني مقلق، أفادت تقارير محلية أن مسلحي جيش تحرير بلوشستان سيطروا على مدينة مانغوشار في منطقة قلات، حيث استخدموا تكتيكات تضمنت إغلاق طرق استراتيجية، والاستيلاء على مراكز أمنية، ومهاجمة قوافل عسكرية، واعتقال عناصر من الشرطة.
المخاطر على مشروع الحزام والطريق
يمثل إقليم بلوشستان نقطة ارتكاز حيوية في مشروع “الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني” (CPEC)، الذي تبلغ قيمته أكثر من 60 مليار دولار، وهو جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ويربط المشروع مدينة كاشغر الصينية بميناء جوادر الباكستاني، الواقع على ساحل بلوشستان المطل على المحيط الهندي. وقد شكّلت الهجمات المتكررة من الانفصاليين البلوش ضد العمال والمشروعات الصينية تهديدًا مباشرًا لاستمرار تنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي.
خلاصة
بين تصاعد التوترات في كشمير، واندلاع أزمة انفصالية متجددة في بلوشستان، تجد باكستان نفسها اليوم أمام أكثر مراحلها حساسية من الناحية الأمنية والسياسية.
ومع مطالبات متزايدة بالاستقلال واتهامات دولية بشأن حقوق الإنسان، يبدو أن إسلام آباد مطالبة بإعادة تقييم تعاملها مع الأقليات الإقليمية، في وقت تتداخل فيه الحسابات الجيوسياسية مع المصالح الاقتصادية الكبرى.
التعليقات متوقفه