أستاذ قانون دولي: تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز رد فعل على انتهاك سيادتها وسيؤدي إلى كارثة اقتصادية عالمية
كتبت : سارة غنيم
أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز بعد موافقة مجلس النواب الإيراني وتفويض القوات المسلحة باتخاذ الإجراءات المناسبة، يأتي في إطار اعلانها عن حقها في الدفاع الشرعي عن النفس وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مشدداً على أن التصعيد الأمريكي-الإسرائيلي الأخير ضد المنشآت النووية الإيرانية هو السبب المباشر لهذا التهديد.
وأوضح الدكتور محمد مهران في حوار خاص لـ«الجمهورية والعالم» ان القانون الدولي يعترف بحق الدول في اتخاذ تدابير مضادة رداً على الأعمال غير المشروعة التي تتعرض لها، شريطة أن تكون هذه التدابير متناسبة مع الضرر الذي لحق بها، وأن تهدف إلى إجبار الدولة المعتدية على الامتثال لالتزاماتها الدولية.
وأضاف مهران أن الاعتداء على المنشآت النووية الإيرانية يمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة إيران وللقانون الدولي الإنساني وللعديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية المنشآت النووية، مما يمنح إيران الحق في الرد بالطرق التي تراها مناسبة لردع هذا العدوان وحماية أمنها القومي.
وأوضح أستاذ القانون الدولي أن مضيق هرمز، رغم أهميته الاستراتيجية للملاحة الدولية، يقع جزء كبير منه ضمن المياه الإقليمية الإيرانية، ما يعطيها سلطات واسعة في تنظيم الملاحة فيه، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية المتمثلة في العدوان على سيادتها.
ونبه مهران إلى أن إغلاق مضيق هرمز سيترتب عليه تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن المضيق يعد شريان الحياة لتجارة النفط العالمية، حيث يمر عبره يومياً ما يقارب 21 مليون برميل من النفط، بما يمثل نحو 20% من إجمالي النفط المتداول عالمياً، و40% من النفط المنقول بحراً.
واستطرد قائلا: اغلاق المضيق سيؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار النفط قد يتجاوز 200 دولار للبرميل، مما سيتسبب في أزمة طاقة عالمية حادة، وسيلحق أضراراً بالغة بسلاسل التوريد العالمية، وسيؤثر بشكل مباشر على اقتصادات الدول الصناعية الكبرى، وخاصة أوروبا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند، التي تعتمد بشكل كبير على النفط القادم من الخليج.
وأضاف أن التأثير لن يقتصر على أسواق الطاقة فحسب، بل سيمتد ليشمل الأسواق المالية العالمية، مما قد يؤدي إلى انهيارات في البورصات العالمية، وزيادة معدلات التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وربما الدخول في ركود اقتصادي عالمي أشد من أزمة 2008.
وأشار الدكتور مهران إلى أن العديد من دول المنطقة ستتأثر بشكل مباشر بإغلاق المضيق، وخاصة دول الخليج التي تعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط عبر هذا الممر المائي الحيوي، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها.
وحول الموقف القانوني للولايات المتحدة وإسرائيل، أكد الخبير الدولي أن استهدافهما للمنشآت النووية الإيرانية يشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي، ويندرج ضمن جرائم الحرب وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مما يرتب مسؤولية دولية على عاتق هاتين الدولتين.
وذكر ان التصعيد الأمريكي-الإسرائيلي يعكس ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا النووية، حيث تمتلك إسرائيل ترسانة نووية خارج إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية دون أي مساءلة دولية، في حين يتم استهداف المنشآت النووية الإيرانية المخصصة للأغراض السلمية والخاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
ودعا الدكتور مهران المجتمع الدولي، وخاصة مجلس الأمن، إلى التحرك العاجل لوقف التصعيد الخطير في المنطقة، وإلزام الولايات المتحدة وإسرائيل باحترام سيادة الدول وعدم انتهاك القانون الدولي، محذراً من أن استمرار الصمت الدولي سيشجع على مزيد من الانتهاكات وسيدفع المنطقة نحو صراع شامل قد تمتد آثاره إلى العالم بأسره.
ولفت إلي أن الحل الأمثل للأزمة الراهنة يكمن في العودة إلى طاولة المفاوضات وتغليب لغة الحوار، والالتزام بمبادئ القانون الدولي واحترام سيادة الدول، وتجنب الخطوات التصعيدية التي من شأنها تأجيج التوتر وتهديد الأمن والسلم الدوليين.
التعليقات متوقفه