قمة ألاسكا: بداية مسار جديد بين موسكو وواشنطن رغم العواصف الإعلامية

247

كتبت: سارة غنيم

في لقاء امتد لثلاث ساعات بألاسكا، عقد الرئيسان فلاديمير بوتين ودونالد ترامب محادثات وُصفت بأنها “مثمرة وبنّاءة”، ما قد يمثل نقطة تحول في العلاقات الأميركية – الروسية التي شهدت تدهورًا حادًا خلال إدارة جو بايدن.

بوتين لم يتردد في تحميل بايدن مسؤولية اندلاع الحرب في أوكرانيا، معتبرًا أن غزو 2022 كان بالإمكان تجنبه لو بقي ترامب في السلطة، كما انتقد إصرار واشنطن على تجاهل مقترحات التفاوض بشأن ملفي الناتو وأوكرانيا.

من جانبه، أبدى ترامب تفاؤله حيال إمكانية إصلاح العلاقات الثنائية، مشددًا في الوقت نفسه على أن أي اتفاق يجب أن يحظى بموافقة كييف، وأعلن عن مشاورات مرتقبة مع القادة الأوروبيين والرئيس زيلينسكي.

ورغم غياب اتفاق نهائي، عكست القمة توجّهًا نحو إعادة فتح قنوات التواصل بين القوتين الكبريين، في خطوة قد تتجاوز مجرد وقف إطلاق النار بأوكرانيا نحو مراجعة أوسع لطبيعة العلاقة بين واشنطن وموسكو.

الإعلام الأوروبي بين الإنكار والارتباك

اللافت أن الصحافة الأوروبية، وخصوصًا الإيطالية، استقبلت القمة بقدر كبير من التشكيك والسلبية، بعناوين مثل: “فوضى دبلوماسية” و*”هزيمة ترامب في القمة”*. هذا الخطاب يكشف – بحسب مراقبين – عن امتعاض واضح من تراجع أولوية الملف الأوكراني في الأجندة الدولية، ورفض الإقرار بأن الواقع الجيوسياسي يفرض ضرورة الحوار بين موسكو وواشنطن.

التاريخ يقدم شواهد واضحة: مؤتمر فيينا استغرق عشرة أشهر، فرساي تسعة أشهر، مفاوضات فيتنام سنوات طويلة، واتفاق دايتون ثلاثة أسابيع. أي أن معالجة الأزمات العالمية المعقدة لا تتم بضربة واحدة، بل عبر مسار تفاوضي طويل يتطلب صبرًا وبراغماتية.

لكن داخل الأوساط الإعلامية والسياسية الأوروبية، يبدو أن خيبة الأمل مردها أن قادة غير مرغوب فيهم لدى جزء واسع من النخب – مثل ترامب وبوتين – هم من كسروا الجمود وفتحوا باب الحوار، في وقت فشلت فيه بروكسل في تقديم مبادرة دبلوماسية جدية طوال السنوات الماضية.

“الجدل العبثي” حول المصافحة

ولم يخلُ المشهد من جدل وُصف بالهامشي والعبثي، تمثل في انتقاد ترامب لمجرد مصافحته بوتين خلال اللقاء الرسمي. تساؤلات من قبيل: “هل كان عليه تجاهل الزعيم الروسي؟” لا تجد مكانها في السياق الدبلوماسي، حيث تُعد المصافحة جزءًا من البروتوكول المتعارف عليه بين رؤساء الدول.

أي محاولة لكسر هذه القاعدة كانت ستفسَّر كتصعيد عدائي، وهو ما يتناقض مع هدف القمة الأساسي المتمثل في خفض التوتر وإعادة بناء الثقة.

ان ما جرى في ألاسكا لا يمكن اختزاله في صورة مصافحة أو عنوان متشائم. القمة قد تكون بداية مسار طويل ومعقد لإعادة صياغة العلاقة بين واشنطن وموسكو، وربما لإيجاد مخرج سياسي للأزمة الأوكرانية.

وبينما تتباين التقديرات، يظل المؤكد أن استبعاد أوروبا من المشهد الدبلوماسي كشف هشاشة موقفها، فيما برزت واشنطن وموسكو مجددًا كقطبي التوازن الدولي.

اقرأ أيضا:

 

Visited 12 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه