فلسطين بين الحلم والانقسام: شعب واحد وحكومتان متعارضتان
شعب واحد وحكومتان.. فلسطين بين الانقسام والحلم المؤجل
كتبت : سارة غنيم
رغم أن الفلسطينيين يجمعهم تاريخ واحد وهوية واحدة، إلا أن الواقع السياسي يفرض معادلة أكثر تعقيدًا: شعب واحد، وحكومتان متعارضتان. وبين غزة والضفة الغربية، يتجسد الانقسام الفلسطيني منذ أكثر من عقد ونصف، ليطرح سؤالًا جوهريًا: إذا قامت الدولة الفلسطينية يومًا ما، ففي يد من ستكون؟
من الانتداب البريطاني إلى عقدة أوسلو
بدأت القصة مع الانتداب البريطاني (1920-1948) الذي ورث أراضي فلسطين عن الإمبراطورية العثمانية. آنذاك، أصدرت بريطانيا وعد بلفور عام 1917 بإنشاء “وطن قومي لليهود”، مع التعهد بعدم المساس بحقوق العرب المقيمين.
لكن مع إعلان قيام إسرائيل عام 1948، تغيّرت الخريطة: الأردن ضم الضفة الغربية، فيما خضع قطاع غزة للإدارة المصرية. ومنذ ذلك الحين بدأ الفصل بين جناحي الكيان الفلسطيني.
في حرب 1967، سقطت الضفة وغزة تحت الاحتلال الإسرائيلي، إلى أن جاءت اتفاقيات أوسلو 1993 التي وقّعها ياسر عرفات وإسحاق رابين برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لتؤسس السلطة الوطنية الفلسطينية كمرحلة انتقالية نحو دولة مستقلة.
الضفة الغربية وغزة.. سيادة مجزأة
قسمت اتفاقيات أوسلو الضفة الغربية إلى مناطق (أ، ب، ج) بدرجات متفاوتة من السيطرة الفلسطينية والإسرائيلية. هذا “الحل المؤقت” تحول إلى واقع دائم قيّد السيادة الفلسطينية، خصوصًا في ملفات الأمن والتخطيط.
أما غزة، فشهدت إدارة السلطة الفلسطينية لسنوات قليلة، قبل أن تتحول المعادلة تمامًا عام 2006 بفوز حماس في الانتخابات التشريعية، ما فجّر صراعًا دمويًا مع حركة فتح انتهى بسيطرة حماس على القطاع في 2007 وتأسيس حكومة موازية.
ومنذ ذلك الحين، باتت الضفة تحت إدارة الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية، فيما تهيمن حماس على غزة، ليكرّس الانقسام مسارين سياسيين متناقضين.
غياب الانتخابات.. شرعية مؤجلة
لم تُجرَ انتخابات فلسطينية منذ عام 2006، وهو ما أفقد المؤسسات الشرعية الديمقراطية. في الضفة، يحكم الرئيس عباس بمراسيم، بينما تفرض حماس سلطتها الكاملة في غزة، متجاوزة الحصار والحروب ومحاولات العزل.
النتيجة: مواطنون فلسطينيون يعيشون بين حكومتين بلا أفق لوحدة سياسية قريبة.
الدولة الفلسطينية.. حلم معلق
رغم اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كـ”دولة مراقب” عام 2012، واعتراف أكثر من 140 دولة بها، إلا أن الواقع على الأرض يظل مختلفًا.
في الضفة الغربية: سلطة عباس تحظى بدعم دولي لكن تعاني ضعف الشرعية.
في غزة: حماس تسيطر بإجماع داخلي نسبي لكنها بلا اعتراف خارجي.
وهكذا تحولت فكرة الدولة الفلسطينية من مشروع وحدة إلى فسيفساء منقسمة، حيث تمثل غزة والضفة الغربية مشروعين سياسيين غير متوافقين.
الخلاصة
اليوم، لم يعد السؤال فقط: هل ستقوم الدولة الفلسطينية؟ بل أصبح: إذا قامت، فلمن ستكون؟ وبين حلم الدولة وواقع الانقسام، تظل فلسطين قصة شعب موحد بالهوية، ممزق بالسياسة.
اقرأ أيضا: