“خطة نتنياهو”: تهجير ناعم أم جريمة حرب معلنة؟

364

بقلم: [محمد غنيم]

تبدو تحركات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة أشبه بلعبة مزدوجة، يوجه فيها خطابه وفقاً لجمهوره: في واشنطن يُجمل الكارثة ويزينها بمفردات “الفرص” و”الحرية”، بينما في تل أبيب يشحذ سكين الحرب ليكمل “المهمة” في غزة.

تحت ستار ما يسمى بـ”مدينة إنسانية”، تتكشف واحدة من أخطر الخطط التي يشهدها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ عقود. نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس يطرحان، بلا خجل، مشروعًا يهدف فعليًا إلى تجميع سكان غزة في منطقة مغلقة، وتقديم مساعدات إنسانية مشروطة بتشجيعهم على الهجرة إلى خارج القطاع.

خطة تُسوق باعتبارها “خيارًا طوعيًا”، لكنها في جوهرها ليست سوى ترحيل قسري ممنهج، محظور دولياً وفق اتفاقيات جنيف.

ورغم المعارضة التي أبداها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زمير، والمخاوف من تداعيات أمنية وأخلاقية، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تتردد في تمرير الخطة، مما يؤكد أن ما يحدث هو نهج محسوب لا رد فعل طارئ.

اللافت أن نتنياهو يسوق خطته هذه في واشنطن، حيث يسعى لكسب الغطاء الأمريكي لتعديل ديموغرافيا القطاع. وهنا تُطرح تساؤلات أخلاقية وسياسية: هل يُعقل أن تُعتبر “الحرية” في مغادرة وطن محاصر جريمة أقل فظاعة من الحرب نفسها؟ وهل من المنطقي تصوير تهجير السكان على أنه “خيار إنساني” بعد شهور من الحصار والقصف؟

المأساة تتعدى الجانب السياسي إلى البُعد الإنساني الكارثي. تقارير “أطباء بلا حدود” تثبت بالأرقام أن غزة أصبحت مكانًا غير صالح للبقاء البشري، خصوصًا للأطفال، حيث ارتفعت معدلات وفيات الرضع والأطفال بمعدلات صادمة.

السكوت عن هذه الخطة هو تواطؤ مع جريمة مستقبلية. التهجير القسري لا يجب أن يُدار بلغة مغلفة بالشفقة.

ما يحدث في غزة يتجاوز كونه أزمة إنسانية، إنه اختبار للعالم بأسره: هل سيسمح بخلق “نَكبة ثانية” تحت عنوان “الإنقاذ”؟

اقرأ للكاتب:
“رسالة إلى وزارة الأوقاف: أين السكينة في بيوت الله؟”

Visited 30 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه