المخرج والكاتب اليهودي الإيطالي: إسرائيل تُعيد إنتاج العقلية النازية في غزة

ترجمة : سارة غنيم

موني أوفاديا: الصهيونية هي الفشل التام لليهودية.. وما يحدث في غزة يعيد إنتاج العقلية النازية

في حوار أجرته صحيفة “الوحدة” الإيطالية مع الكاتب والمخرج والموسيقي المعروف موني أوفاديا، شنّ الأخير هجوماً لاذعاً على السياسات الإسرائيلية، مؤكداً أن الصهيونية تمثل “الفشل التام لليهودية“، وأن ما يجري في غزة اليوم يشكل تكراراً مروعاً للعقلية النازية، على حد تعبيره.

وقال أوفاديا: “إنها مذبحة لا نهاية لها في غزة؛ يموت الناس تحت القصف والجوع ونقص الرعاية الطبية، بينما ينشغل النقاش في إيطاليا بما إذا كان استخدام مصطلح الإبادة الجماعية صحيحاً أم لا. هذا يعكس وعياً زائفاً ونفاقاً مستمراً“، مؤكداً أن بلاده تعاني من أزمة عميقة في خطابها السياسي والإعلامي.

وأضاف: “إيطاليا بلد غريب، طبقته السياسية مدمرة، لكن جزءاً من شعبه رائع. 66% من الإيطاليين مقتنعون بأن حرب أوكرانيا سببتها الولايات المتحدة وحلف الناتو، وهذه إحصائية خطيرة تعكس وعياً مختلفاً عما يروج في الإعلام الرسمي“، مشيراً إلى أن المسؤولية الكبرى تقع على وسائل الإعلام التي تمارس الإقصاء والتعتيم، حسب قوله.

وتابع: “لا يدعونني إلى البرامج الحوارية لأنهم جبناء. يفضلون استضافة الأصوات المريحة لهم بدلاً من مناقشة الحقيقة. الصمت تجاه الأصوات النقدية نوع من التواطؤ مع الجرائم“، على حد وصفه.

“الصهيونية فشل تاريخي“

وعن موقفه من الفكر الصهيوني، شدد أوفاديا قائلاً: “الصهيونية هي أعظم فشل في التاريخ اليهودي كله. في أغسطس عُقد المؤتمر العالمي الأول لليهود المناهضين للصهيونية في فيينا، لكن الإعلام لم يغطِّه. إن الدولة الصهيونية تجديفية دينياً ومجرمة إنسانياً“، موضحاً أن التلمود نفسه يرفض أن تكون لليهود سيادة وطنية.

وأشار إلى أن النصوص الدينية اليهودية تؤكد أن الأرض لله وليست للبشر، وأن اليهود يجب أن يعيشوا فيها “كأجانب مقيمين بين الأجانب“. وأضاف: “لقد أخطأ الصهاينة في فهم فكرة أرض الميعاد، وحولوها إلى وعد بالسيطرة على الأرض، وهذا تحريف جوهري“، على حد وصفه.

غزة.. رعب يوازي الهولوكوست

وعن صور الأطفال في غزة الذين تحولوا إلى هياكل عظمية بسبب الجوع والقصف، قال أوفاديا: “أشعر بنفس الرعب الذي شعرت به عندما علمت بالهولوكوست. العقلية النازية يعاد إنتاجها اليوم في غزة. الباحث الصهيوني يشاياهو ليبوفيتز قال بعد حرب 1967: تخلوا عن الأراضي فوراً وإلا ستشهدون ولادة النازية اليهودية. لقد كان محقاً، وهذا ما نراه اليوم“، مؤكداً أن ما يحدث يمثل “أعظم خيانة تلقاها كيهودي في حياته”.

الديمقراطية الزائفة

وعن المقولة المتداولة في الغرب بأن إسرائيل “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وصف أوفاديا ذلك بأنه “أقصى درجات النفاق“. وأوضح: “الديمقراطية لا تُبنى على الإبادة. الغرب نفسه فقد مصداقيته الأخلاقية عندما داس على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وصار مجرد صندوق اقتراع كل أربع سنوات يُستخدم لتبرير الجرائم“، على حد تعبيره.

الشباب والوعي الجديد

وحول تفاعله مع الشباب في جولاته المسرحية والثقافية، أشار أوفاديا إلى أنه يلمس وعياً متزايداً. وقال: “الشباب الذين ألتقيهم أحياء ومتيقظون. لقد تعلمت منذ دراستي الثانوية أن الانحياز موقف أخلاقي، وأن اللامبالاة جريمة. أكرر لهم دوماً: من يقف على الحياد يتحمل المسؤولية التاريخية“، مؤكداً أن المصداقية الأخلاقية للغرب على المحك بسبب صمته تجاه فلسطين.

“الصهاينة معادون للسامية“

وردّ أوفاديا على اتهامه المتكرر بمعاداة السامية قائلاً: “الكلمات فقدت معناها، ومعاداة السامية باتت أداة لتدمير التفكير النقدي. في الحقيقة الصهاينة أنفسهم معادون للسامية. عندما دعا نتنياهو اليهود الفرنسيين للهجرة إلى إسرائيل عقب هجوم باتاكلان عام 2015، كان عملياً يكمل مهمة هتلر: إفراغ أوروبا من اليهود. لماذا لا يستطيع اليهود العيش حيث يشاؤون؟“، مشدداً على أن هذا من أخطر مظاهر الفكر الصهيوني.

الأمل في غزة.. والمستقبل

وحول مستقبل الأمل في غزة، قال أوفاديا: “الأمل يترنح، لكنه لم يمت. في 31 أغسطس سينطلق أسطول الصمود العالمي من إيطاليا، بمئات القوارب من أربعين دولة. إنها مبادرة مهمة يجب دعمها بكل قوة.

واضاف الكاتب الكبير :حلمي مسيرة بالملايين تتجه نحو غزة لكسر الحصار“، مؤكداً أن الحل الوحيد هو “دولة واحدة لجميع سكان فلسطين التاريخية بحقوق متساوية“، على حد قوله.

واختتم أوفاديا حديثه قائلاً: “على إيطاليا أن توقف بيع السلاح لإسرائيل كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. إذا لم يحدث ذلك، فإن البشرية كلها ستغرق في أبشع أشكال الهمجية. رفع الصوت بات واجباً إنسانياً وأخلاقياً، ولا مكان بعد اليوم للدبلوماسية الفارغة“.