كتبت : نهى عراقي
في العصر الحديث وفي خضم تزاحم الأحداث العالمية والمحلية وتسارع غير مسبوق لمعركة البقاء والانتصار على الآخر، تطفو على السطح بل وتفرض نفسها بقوة معركة كبيرة ألآ وهي معركة “الوعي”، أقصد بالوعي هنا الوعي الثقافي والتعلم وتنوير الفكر عبر القراءة والاطلاع، ولا أقصد الوعي من منظور ما يحيط بالعالم عن طريق حواس الإنسان الخمسة فقط؛ إنما يحتاج أيضًا إلى الخيال، وتدبر الأفكار السائدة في المجتمع بطريقة تتجاوز حدود الصندوق، ليصل إلى وعي ونقلة جديدة لنفسه وللمجتمع.
كيف يتشكل الوعي
الوعي العام والمجتمعي والسياسي والبيئي، فالوعي يتشكل بداخل عقولنا نتيجة البحث والثقافة والاطلاع، ما يجعل الإنسان يعي أنه قادر على تغيير الصفات غير المرغوب بها، لأنه يحتاج لاستقبال الأفكار الصحيحة البعيدة عن المعتقدات الخاطئة التي تتوارث عبر الأجيال. وبناءً على كل هذا يصل الإنسان لصورة متوازنة عن نفسه.
كيف تتكون قيم المجتمع
تتكون قيم المجتمع وثوابته عبر عاملين يعتبران هما حجر الزاوية لجودة الوعي وصلابته، منها..
العامل الديني” الروحي”، وأيضا التجربة الحضارية بكل ابعادها والتي اثرت فيها عوامل التاريخ والجغرافيا، فهما حجر الزاوية لجودة الوعي وصلابته.
منذ سنوات ونحن المصريون نخوض معركة ضروس في الوعي ومحاولات شتى من مجتمعات غربية وعربية في محاولة طمس الوعي لدى المجتمع المصري ونشر ما يطمس هويتنا حتى الذوق العام حاولوا اغتياله، لم يعد الغزو بالأسلحة.. بل بغزو الفكر وتغيير المفاهيم المجتمعية والدينية.
وللأسف نجحت تلك المحاولات في الغوص بين شريحة من المجتمع، عبر نشر ثقافات غريبة متدنية وكلمات لأغاني هابطة ما تسمى بأغاني المهرجانات التي لم نفهم منها حرفًا واحدًا لكنها مجرد ضوضاء، ومُهرج يتحرك ويرقص فوق المسرح بلا إحساس أو معنى.
دور الإعلام
أما دور الإعلام فحدث ولا حرج فهو زاد الطين بلة في تزييف الحقائق ونشر أفكار معينة مغلفة بحق يراد به باطل، وفرض أنواع من الأفلام والمسلسلات الهابطة التي طالت الكثير من شريحة معينة في المجتمع وباتت نموذجًا لهم في حياتهم اليومية وثقافتهم وتعاملاتهم، باختصار لأن الإعلام أصبح إعلام الإعلان وليس إعلام الثقافة والوعي.
تقويض ثوابت المجتمع
ما يحدث هو تقويض لقواعد المجتمع وحضارته الراسخة وثوابت وقيم تحكم المجتمع، حتى يتأثر بسرعة ويتطاير كأوراق الشجر التالفة، وهنا تنجح تلك المجتمعات المستعمرة باجتياح أوطاننا واحتلالها بسهولة، تلك هي مخططاتهم.
مسئولية بناء الوعي
عملية بناء الوعي مسئولية كبرى تتم من خلال الأسرة والمدرسة والإعلام والجهات المسئولة جميعهم شركاء معاً ومسئولون مسئولية كاملة عن الثقافة.
فالمواطن الواعي يعلم حقوقه وواجباته، ويعلم دوره الحقيقي، ويبقى دائما متزنا في مواقفه دون خلط او إقصاء، كما أن العلاقات الاجتماعية والبيئية تلعبان دورًا هامًا في تشكيل الوعي الاجتماعي والوعي بالذات.
العدو ودرجة وعي الشارع
وليعلم الجميع أن العدو مُطلع جيدًا على درجة وعي الشارع المصري، وبناءً عليه يتحرك فإذا وجد نبض الشارع عالٍ بالوعي ومُلما بشئونه الداخلية والخارجية يعود مرة ثانية للخلف.