الظواهر الكونية ليست نذير شؤم: الأوقاف بين السنة والعلم

0 70

العلم والظواهر الكونية: بين الرؤية الدينية والفهم العقلي

كتب : خالد محمود

تُعدّ الظواهر الكونية مثل خسوف القمر وكسوف الشمس من الأحداث الطبيعية التي فسّرها العلم تفسيرًا دقيقًا، وربطها بدورة الأرض والقمر والشمس. فهي ليست نذير شؤم ولا علامة غضب، بل نتيجة حتمية لحركة الأجرام السماوية في مداراتها.

ولطالما أكد العلماء أن الخسوف والكسوف في جوهرهما ليسا إلا مشاهد كونية بديعة، تحمل في طياتها فرصًا للفهم والتأمل، بل وحتى للاستفادة العلمية.

يحدث الخسوف عندما يدخل القمر في ظل الأرض. عندها يتلون سطحه بلون برتقالي مائل إلى الأحمر، فيبدو كأنه “قمر دموي”. ينقسم الخسوف إلى نوعين: كلي عندما يحجب الظل القمر بالكامل، وجزئي عندما يغطي جزءًا منه فقط.

غير أن وزارة الأوقاف المصرية – وغيرها من المؤسسات الدينية – ما زالت تُصر على التعامل مع هذه الظواهر عبر إحياء صلاة الخسوف والكسوف، استنادًا إلى ما ورد عن النبي ﷺ.

ومع ذلك، فإن كلمات النبي الخالدة: “أنتم أعلم بشئون دنياكم” تفتح الباب واسعًا أمام قراءة مختلفة؛ قراءة تحترم السنة من جهة، لكنها تُفسح المجال للعلم ليكون المرجع الأول في تفسير الأحداث الطبيعية والتعامل معها.

إن الصلاة في هذه المناسبات قد تُفهم على أنها تذكرة بالخشوع أمام عظمة الخالق، لكن تحويل الخسوف إلى حالة من الخوف أو الدروشة يعكس انفصالًا عن حقيقة أن هذه ظواهر طبيعية منتظمة يمكن التنبؤ بها بالدقيقة والثانية.

فالإسلام لم يأتِ ليُعادي العلم، بل ليؤكد أن الكون كتاب مفتوح للتفكر والتدبر، والآية القرآنية صريحة: “سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق”.

لذلك، المطلوب اليوم أن تتبنى الأوقاف خطابًا أكثر وعيًا:

أن توضح للناس أن الخسوف والكسوف ظواهر طبيعية محسوبة وليست مصدر رعب.

أن تشجع على ربط العبادة بالتأمل العلمي، لا بالخرافة أو المبالغة.

أن تدرك أن احترام العلم لا يتعارض مع احترام الدين، بل إن الجمع بينهما هو جوهر النهضة.

باختصار، إن الدين يوجّه الروح، والعلم يفسّر الظاهرة، وكلاهما لا يتناقضان إلا حين نُصر على وضع أحدهما في غير موضعه.

اقرأ أيضا:
“رسالة إلى وزارة الأوقاف: أين السكينة في بيوت الله؟
الانشغال بالمظاهر وتجاهل الجوهر: أزمة المجتمع العربي والإسلامي في مسار التقدم 

هل للدولة دين؟ قراءة في حدود السلطة ومجال العقيدة 

 

Visited 12 times, 12 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق