في زمن نتنياهو وبن غفير: هل يملك أحد الحق في قتل رئيس دولة؟

هل نناقش قتل نتنياهو؟ تساؤل لا يجرؤ أحد على طرحه في إسرائيل

175

كتبت :بريجيت محمد

جدعون ليفي: هل من المشروع اغتيال رئيس دولة؟ تساؤل يكشف ظلال الغابة العالمية

في مقال جريء نشره في صحيفة هآرتس، يطرح الصحفي الإسرائيلي المخضرم جدعون ليفي سؤالًا بالغ الحساسية: هل من الصواب قتل رئيس دولة؟ ليس هذا التساؤل مجرد تمرين بلاغي، بل دعوة للتأمل في الواقع السياسي المعاصر، خاصة في ظل ما تشهده إسرائيل اليوم بقيادة بنيامين نتنياهو، وبمشاركة شخصيات يمينية متشددة مثل إيتمار بن غفير، يسرائيل كاتس، وبتسلئيل سموتريتش.

ليفـي يستعرض هذا الإشكال الأخلاقي ضمن سياق متسارع من التهديدات المتبادلة، حيث تتردد دعوات علنية في إسرائيل لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. ويطرح تساؤلات ملتهبة:

من يقرر من هو هدف مشروع للقتل؟

هل يجوز قتل خامنئي، بينما يُستبعد نتنياهو؟

هل يمكن قتل فلاديمير بوتين ولا يمكن المساس بدونالد ترامب؟

وعلى أي أساس يُحكم على العلماء النوويين الإيرانيين بأنهم أهداف مشروعة بينما يُستثنى الإسرائيليون؟

انهيار منظومة المعايير الدولية

بحسب ليفي، لم يعد القانون الدولي سوى “كومة من الورق المهمل”، حيث تُستبدل الشرعية بـ “حق القوة”. ويضيف: “إذا أصبح امتلاك السلاح النووي مبررًا لتصفية علماء أو رؤساء دول، فإن العالم يتحول إلى نسخة حديثة من الغرب المتوحش”.

ويضرب ليفي مثالاً بالحقبة النازية: “نعم، كان يجب القضاء على هتلر”، لكنه يؤكد أن خامنئي، رغم ما يُقال عنه، ليس هتلر. ويحذر من مغبة الانزلاق في منطق التبرير المفتوح الذي يشرعن القتل السياسي كأداة دبلوماسية، ويؤسس لسابقة خطيرة تهدد الاستقرار الدولي.

ازدواجية المعايير

ينتقد ليفي بشدة ما يصفه بـ “الاستثناء الإسرائيلي”، أي اعتقاد بعض الإسرائيليين أن لهم الحق في ما لا يُسمح لغيرهم به، تحت مظلة الماضي التاريخي، مثل الهولوكوست أو هجمات 7 أكتوبر. يقول: “العالم سئم من هذا التبرير”، داعيًا إلى تبني معايير عالمية لا تميز بين الضحايا والجناة على أساس الهوية أو الولاء السياسي.

اغتيال محتمل وخطر الغرق في المستنقع

يُحذر ليفي من التصعيد غير المحسوب مع إيران، حيث يشير إلى تسريبات تفيد بأن القيادة العسكرية الإسرائيلية تستعد لعمليات طويلة الأمد بلا سقف زمني.

ويتساءل عن الحكمة في اغتيال خامنئي: “هل سيؤدي ذلك إلى تهدئة التوتر؟ أم إلى تفاقم الأوضاع وتوريط إسرائيل في مستنقع إقليمي؟”

ويلفت الانتباه إلى التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي قال إن خامنئي “لا يمكن أن يُسمح له بالاستمرار في الوجود”، متسائلًا: “من منح كاتس سلطة تقرير من له الحق في الحياة؟ وهل يحق لوزير دفاع إيراني أن يهدد بالمثل نظيره الإسرائيلي؟”

نفاق إعلامي وخطاب تحريضي

يشير ليفي إلى اللغة المستخدمة في الإعلام الإسرائيلي حول “اصطياد العلماء” الإيرانيين، في إشارة إلى عمليات الموساد السابقة. ويصفها بأنها لغة “تحريضية منحطة”، مؤكدًا أن “العلماء ليسوا طرائد، ولا يُصطادون”، بغض النظر عن جنسيتهم أو انتمائهم السياسي.

ويختم بالتساؤل: “إذا كان اغتيال خامنئي مشروعًا بزعم أنه يهدد وجود إسرائيل، فهل يصبح اغتيال نتنياهو مشروعًا أيضًا لإنقاذ ما تبقى من غزة؟”.

النهاية المفتوحة: هل نحن في غابة؟

في عالم تغيب فيه المعايير، ويعلو فيه صوت السلاح فوق صوت القانون، يخشى ليفي من أن تصبح الاغتيالات السياسية ممارسة عادية، لا يُسأل فيها عن الشرعية، بل عن من يقرر فقط من هو الهدف؟.

ويختتم مقاله بتحذير قاطع:

“الحديث عن اغتيال خامنئي لا يفتح باب الحلول، بل يشرّع أبواب جهنم أمام عالم يعيش وهم التفوق الأخلاقي وهو في الحقيقة… يلتهم نفسه”.

اقرأ أيضا:
مصير خامنئي: هل يقود اغتياله إلى التغيير أم استمرار النظام؟
إيران في مواجهة مصيرها منفردة: الحلفاء في موقع المتفرج والوكلاء غائبون

Visited 27 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه