تحقيق خاص: تحركات إسرائيلية لتفريغ غزة واتهامات متزايدة بالتطهير العرقي وسط ضغوط أمريكية وقلق دولي

144

بريجيت محمد
في تطور مثير للجدل، كشفت مصادر مطلعة عن زيارة سرية أجراها رئيس جهاز “الموساد” الإسرائيلي، ديفيد بارنياع، إلى الولايات المتحدة بهدف طرح خطة تهدف إلى تهجير سكان غزة بشكل “طوعي”، بحسب التعبير الرسمي.

ووفقًا للتقارير، يسعى بارنياع للحصول على دعم سياسي ومالي لتقديم حوافز للدول المستضيفة، وعلى رأسها إثيوبيا، إندونيسيا، وليبيا.

تأتي هذه الخطوة في سياق خطة إسرائيلية لبناء ما يسمى بـ”المدينة الإنسانية” في رفح، والتي ستشكل منطقة تجميع لسكان غزة قبل بدء عملية “النقل الطوعي”، بحسب الرؤية التي تروج لها إسرائيل.

ويشير مراقبون إلى أن التحرك يمثل تحولًا واضحًا في السياسة الإسرائيلية تجاه القطاع، خصوصًا بعد فترة من التراجع السياسي تحت ضغوط أمريكية.

عملية عسكرية تتزامن مع التحرك الدبلوماسي

بالتوازي مع زيارة بارنياع، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في وسط قطاع غزة، وهي منطقة كانت حتى وقت قريب شبه محمية نظرًا لاحتجاز رهائن إسرائيليين فيها.

وبدأت العملية بإصدار أوامر إخلاء لسكان دير البلح نحو مناطق تعاني بالفعل من الاكتظاظ وسوء الأوضاع الإنسانية.

كما تبحث هيئة الأركان العامة الإسرائيلية خطة لفصل المنطقة الوسطى بأكملها، ما يثير مخاوف من مزيد من الانتهاكات والمآسي الإنسانية المرتبطة بعمليات النزوح القسري.

تغيير في الاستراتيجية بعد تراجع عن اتفاق محتمل

في وقت سابق، أشارت تسريبات إلى إحراز تقدم في المفاوضات حول ممر “موراغ”، الذي كانت إسرائيل تسعى إلى الاحتفاظ به لأغراض ترسيم جغرافي وأمني، إلى جانب “ممر فيلادلفيا” الموازي جنوبًا.

لكن تلك الآمال تراجعت مؤخرًا، بعد تصريحات من إدارة ترامب السابقة عبر مستشاره السابق ستيف ويتكوف، رفضت فيها المقترح الإسرائيلي بشكل غير مباشر.

التحرك الجديد بقيادة بارنياع يعكس على ما يبدو تحولًا مفاجئًا في موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قد يكون وجد في الاضطرابات السياسية التي تواجه دونالد ترامب فرصة لإعادة إحياء خططه القديمة المتعلقة بترحيل السكان الفلسطينيين.

جدل داخل إسرائيل بشأن الرهائن والتكلفة الإنسانية

يثير التحرك العسكري في المناطق التي يُعتقد أن الرهائن الإسرائيليين محتجزون فيها جدلًا حادًا داخل إسرائيل، حيث عبّر أقارب بعض الرهائن عن غضبهم من الأولوية التي تُمنح للعملية العسكرية على حساب سلامة أبنائهم.

وزيرة المستوطنات أوريت ستروك قالت صراحة إن وجود الرهائن “لا ينبغي أن يعيق تقدم العمليات العسكرية”، ما فاقم الجدل وأثار تساؤلات حول اعتبارات القيادة الإسرائيلية.

اتهامات بالتطهير العرقي: التاريخ يعيد نفسه؟

في مقال رأي نشره الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس، شبّه ليفي خطة التهجير الحالية بما قام به أدولف آيخمان، أحد مهندسي المحرقة النازية، مشيرًا إلى أن رئيس الموساد بارنياع هو “حفيد لاجئ ألماني” نجا من التهجير القسري.

يقول ليفي:”عندما يتحدث حفيد لاجئ عن تهجير جماعي، دون أن تستيقظ فيه أي ذاكرة تاريخية، فإننا نكون أمام مفارقة مأساوية.”

ويضيف أن ما يحدث حاليًا لم يعد حربًا بلا هدف، بل حربًا ذات هدف واضح ومجرَّم: التطهير العرقي.

 

ترامب يقترح إعادة توطين سكان غزة في دول أخرى

السياق الأمريكي: ترامب تحت الضغط وإسرائيل تستفيد

تشير التحليلات إلى أن نتنياهو استغل المأزق السياسي الذي يواجهه دونالد ترامب، خاصة بعد تجدد الجدل حول تورط الأخير المحتمل في قضية “جيفري إبستين”.

ففي الوقت الذي يطالب فيه أعضاء من الكونغرس بالكشف عن وثائق القضية، تحرك نتنياهو لتعزيز الدعم العسكري والسياسي من واشنطن، حيث أقر مجلس النواب الأمريكي مؤخرًا حزمة مساعدات جديدة بقيمة 500 مليون دولار لإسرائيل، تضاف إلى التمويل السنوي الذي يتجاوز 3.5 مليار دولار.

ورغم محاولات مارجوري تايلور غرين وبعض الأعضاء الجمهوريين وقف المساعدات، لم يصوّت ضد القرار سوى ستة أعضاء فقط.

مجاعة ومجازر ومشهد إعلامي متناقض

 

تستمر المعاناة الإنسانية في غزة، حيث تفيد التقارير بأن 85 فلسطينيًا لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية.

في المقابل، نشرت صحيفة جيروزاليم بوست مقطعًا مصورًا يظهر فلسطينيين وهم يصفقون للجنود الإسرائيليين أثناء توزيع المساعدات، في محاولة لتفنيد “مزاعم المجازر” – بحسب وصفها. الأمر الذي وُصف في عدة أوساط بأنه استغلال دعائي قاسٍ للمعاناة.

إضافة إلى ذلك، تم الكشف عن تخصيص ميزانية كبيرة لتدريب أكثر من 550 مؤثرًا دوليًا على الدفاع عن الرواية الإسرائيلية، في خطوة أثارت انتقادات واسعة.

الفاتيكان يخرج عن صمته: البابا يندد بـ”الوحشية” ويدعو لحماية المدنيين

بعد تعرض ثلاث كنائس مسيحية في غزة للتدمير، ووسط تدهور أوضاع المسيحيين في الضفة الغربية، أصدر البابا ليو الرابع عشر بيانًا نادرًا من حيث اللغة، وصف فيه ما يجري بـ**”الهمجية”**، داعيًا إلى احترام القانون الإنساني الدولي، حماية المدنيين، وحظر التهجير القسري.

رغم ذلك، لم يصدر أي موقف واضح من الفاتيكان حول اتصال نتنياهو الأخير بالبابا، ما فتح باب التكهنات حول تحفظات الفاتيكان وموازنة المصالح الدبلوماسية والدينية في ظل التصعيد الراهن.

 تفكك المفاوضات ومخاوف من تصعيد خطير

التحركات الإسرائيلية الأخيرة، وتزامنها مع التصعيد العسكري، والتطورات السياسية في واشنطن، توحي بأن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع، تتسم بتراجع فرص التهدئة وعودة سيناريوهات التهجير الجماعي.

وبينما تتعالى الأصوات المطالبة  بالتهدئة، تتزايد المؤشرات على أن الحلول السياسية قد تكون بعيدة، والمخاطر الإنسانية على الأرض تتضاعف.

اقرأ أيضا:
ترامب يقترح خطة لنقل الفلسطينيين من غزة ويعيد النظر في العودة إلى منظمة الصحة العالمية

Visited 10 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه