مصادر استخباراتية: دعم إماراتي عبر ليبيا وتشاد مكّن قوات الدعم السريع من السيطرة على الفاشر
سقطت مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، صباح الاثنين في أيدي قوات الدعم السريع بعد حصار دام أكثر من 18 شهرًا، انتهى بانسحاب الجيش السوداني النظامي. ويُخشى أن يؤدي هذا التطور إلى كارثة إنسانية جديدة تهدد أكثر من 260 ألف مدني حوصروا داخل المدينة.
مدينة مثقلة بالتاريخ والدماء
تُعد الفاشر واحدة من أكثر المدن رمزية في إقليم دارفور، إذ كانت قبل عقدين مسرحًا لجرائم جماعية ارتكبها الجنجويد، الميليشيا التي شكّلت النواة الأولى لقوات الدعم السريع الحالية.
واليوم، يعود التاريخ ليكرر نفسه، مع تداول صور ومقاطع تُظهر عمليات قتل ميدانية بحق المدنيين من جماعتي الفُرّ والماساليت، وهما من أكثر المجموعات التي تعرّضت للاضطهاد في الماضي.
توثيق الفظائع

أظهرت صور أقمار صناعية من شركة ماكسار مشاهد لجثث متناثرة وبرك دماء في شوارع المدينة. كما نشر عناصر الميليشيا أنفسهم مقاطع فيديو توثق إعدامات ميدانية لمدنيين بعد استجوابات علنية.
وأكدت تقارير صادرة عن معمل الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل وجود “أدلة واضحة على عمليات قتل جماعي” في الفاشر، مشيرة إلى أن ما يحدث يرقى إلى جرائم حرب ممنهجة.
إدانة دولية وتحرك إفريقي
أدان الاتحاد الإفريقي الأحداث بعبارات حادة، ووصفها رئيسه محمود علي يوسف بأنها “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان لا يمكن تبريرها”. كما دعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف المجازر ومحاسبة المسؤولين عنها.
موقف الجيش السوداني

اعترف الرئيس عبد الفتاح البرهان في كلمة متلفزة بسقوط الفاشر، متعهدًا “باستعادتها قريبًا ومعاقبة مرتكبي الجرائم”.
ويعكس ظهوره الإعلامي حجم الصدمة التي شكلها سقوط المدينة، خاصة أنها تأتي بعد سلسلة انتصارات عسكرية حققها الجيش خلال الأشهر الماضية، استعاد فيها الخرطوم ومناطق استراتيجية في وسط البلاد.
نقطة تحول في الحرب السودانية
يمثل سقوط الفاشر تحولًا خطيرًا في مسار الصراع الذي بدأ في أبريل 2023 بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). فبعد أن تمكن الجيش من تحقيق تقدم ملحوظ في معظم الجبهات، باتت خسارة الفاشر أول انتكاسة كبرى لصالح الميليشيا.
وتشير مصادر عسكرية إلى أن قوات الدعم السريع تلقت دعمًا ماليًا ولوجستيًا كبيرًا من الإمارات عبر الأراضي الليبية والتشادية، ما ساعدها على الصمود وتوسيع نفوذها في دارفور.
الفاشر… مأساة جديدة في حرب لا تنتهي
تحوّلت الفاشر من مدينة محاصرة إلى مدينة منكوبة. ويخشى المراقبون أن يعيد سقوطها مشهد العنف العرقي الذي دمّر دارفور في مطلع الألفية. وبين وعود الجيش بالعودة وتنديد المجتمع الدولي، يبقى المدنيون هم الضحايا الحقيقيين في حربٍ لا يبدو أن لها نهاية قريبة.
اقرأ أيضا:
ملايين السودانيين يتضورون جوعًا بسبب الحرب والأزمات السياسية