هل أوقف دونالد ترامب حقًا ثماني حروب؟ بين الرواية السياسية والواقع الميداني

0 15

كتبت : د/ سارة غنيم

كرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأسابيع الأخيرة قوله إنه “أنهى ثماني حروب” منذ عودته إلى البيت الأبيض، بمعدل حرب كل شهر تقريبًا.

وأكد أن هذه الخطوات تجعله يستحق جائزة نوبل للسلام. إلا أن مراجعة الوقائع تشير إلى أن كثيرًا من تلك النزاعات لم تنتهِ فعليًا، وبعضها لم تكن الولايات المتحدة طرفًا مباشرًا فيه.

الكونغو الديمقراطية: حرب لم تتوقف

في يونيو 2025، رعت واشنطن اتفاقًا بين الكونغو ورواندا لإنهاء القتال في شرق البلاد. وأعلن ترامب أن الحرب “انتهت”. لكن حركة “M23” المتمردة رفضت الاتفاق واستمرت في القتال. تؤكد التقارير الميدانية أن المعارك ما زالت تحصد أرواح المدنيين، ما يعني أن الحرب لم تتوقف بعد.

أرمينيا وأذربيجان: نجاح جزئي

في أغسطس، استضاف البيت الأبيض توقيع اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان بعد عقود من النزاع حول ناغورني كاراباخ. توقف القتال فعليًا، وشكر البلدان ترامب على وساطته.

ومع ذلك، يرى محللون أن التوترات لا تزال قائمة، وأن الاتفاق لم يعالج جميع نقاط الخلاف.

تايلاند وكمبوديا: هدنة هشة على الحدود

في يوليو، شهدت الحدود المشتركة بين تايلاند وكمبوديا اشتباكات محدودة. يقول ترامب إنه استخدم الضغط التجاري لوقف الحرب.

ورغم التوصل إلى هدنة، لم تُحل النزاعات الحدودية التي تعود لعقود.

ويخشى الخبراء من تجدد التوترات في أي وقت.

إسرائيل وإيران: مواجهة لم تنتهِ

في يونيو، نفذت الولايات المتحدة وإسرائيل ضربات على مواقع إيرانية. وبعد أيام، أعلن ترامب التوصل إلى “وقف إطلاق نار خلال 24 ساعة”. لكن لم تُوقّع أي معاهدة رسمية بين ايران واسرائيل، ولا تزال العلاقات بين البلدين متوترة.

يرى مراقبون أن الصراع قد يتجدد في أي لحظة.

غزة: وقف للنار دون حل سياسي

يعتبر ترامب أن “خطة السلام ذات العشرين بندًا” التي تبناها أنهت حرب غزة. وشملت الخطة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وانسحابًا جزئيًا للقوات الإسرائيلية. ورغم توقف القتال، تبقى الأسئلة مفتوحة حول حكم القطاع ونزع سلاح حماس. السلام هنا مؤقت وليس نهائيًا.

الهند وباكستان: نزاع كشمير مستمر

في مايو، أعلنت الهند وباكستان استعادة وقف إطلاق النار في كشمير. نسب ترامب الفضل لوساطة أمريكية. لكن نيودلهي نفت ذلك، وأكدت أن القضية ما زالت ثنائية.

ويُجمع المحللون على أن النزاع المزمن لم يُحل بعد.

مصر وإثيوبيا: الخلاف حول سد النهضة

قال ترامب إنه ساهم في حل أزمة سد النهضة بين مصر وإثيوبيا. لكن الطرفين لم يوقعا اتفاقًا نهائيًا، وما تزال المفاوضات متعثرة. وتؤكد أديس أبابا أن السد بُني بتمويل محلي بالكامل، ما ينفي الرواية الأمريكية.

صربيا وكوسوفو: اتفاق مؤجل منذ سنوات

يشير ترامب أيضًا إلى نجاحه في “منع حرب جديدة في البلقان” بين صربيا وكوسوفو، لكن الواقع يؤكد أن الخلاف حول الوضع القانوني لكوسوفو ما زال قائمًا، وأن اتفاق التطبيع الاقتصادي الذي تم تسهيله عام 2020 لم يتحول إلى معاهدة سلام.

تقييم عام

يقدم البيت الأبيض ترامب باعتباره “رئيس السلام” الذي يبرم صفقات تنهي الحروب. لكن الخبراء يؤكدون أن معظم هذه الاتفاقات هي وقف إطلاق نار مؤقت، وليست نهاية حقيقية للنزاعات. يرى محللون أن ترامب يخلط بين التجميد العسكري والسلام السياسي الدائم.

في الواقع، توقفت بعض المعارك، لكن جذور الأزمات لا تزال قائمة. وبينما يسعى ترامب لتأكيد صورته كصانع سلام، يظل العالم أكثر تعقيدًا من أن يُختصر في شعارات انتخابية.

اقرأ أيضا:

ترامب “شر لا بد منه”: استطلاع يكشف تحوّل المزاج الإيطالي تجاه الحرب الأوكرانية 

 

Visited 4 times, 1 visit(s) today
اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق