رحيل كلوديا كاردينالي: أيقونة الجمال والسينما التي صنعت تاريخ الفن السابع
كتبت: سارة غنيم
غيب الموت كلوديا كاردينالي، واسمها الحقيقي كلود جوزفين روز كاردينال، المولودة في تونس يوم 15 أبريل 1938، لتفقد السينما العالمية واحدة من آخر نجمات العصر الذهبي وأكثرهن تأثيراً.
برحيلها ينطفئ وهج رمز ظل لعقود طويلة مرادفاً للأناقة والقوة والجمال الخالد.
عُرفت كاردينالي بكثافتها التعبيرية وسحرها المغناطيسي، وصُنّفت بين ألمع نجمات الشاشة في ستينيات القرن الماضي. الصحافة العالمية احتفت بها باعتبارها “أجمل امرأة في العالم”، في زمنٍ تحوّل فيه الجمال إلى فنّ، والسينما إلى عبادة جماهيرية.
كانت الوحيدة من جيلها التي وصلت إلى شهرة عالمية تضاهي نجمات إيطاليا الكبار صوفيا لورين وجينا لولوبريجيدا.
مسيرة فنية استثنائية
بدأت مسيرتها بالمصادفة منتصف الخمسينيات، لكنها سرعان ما تحولت إلى ظاهرة فنية تجاوزت حدود الأنماط السينمائية والقارات.
من الكوميديا الإيطالية إلى أفلام “السباغيتي وسترن”، ومن سينما المؤلف إلى الإنتاجات الهوليوودية الضخمة، أثبتت كاردينالي نفسها بموهبة تمثيلية لا تقل بريقاً عن جمالها.
شراكات مع عمالقة الإخراج
عملت مع أبرز المخرجين الإيطاليين مثل ماريو مونيشيلي (المجهول المعتاد)، لوتشينو فيسكونتي (النمر، روكو وإخوته)، فيديريكو فيليني (8½)، ماورو بولونيني، فاليريو زورليني، لويجي كومنسيني، وسيرجيو ليوني (ذات مرة في الغرب).
كما تعاونت مع أسماء عالمية كأبيل غانس، بليك إدواردز، فيرنر هرتزوغ، ومانويل دي أوليفييرا.
نجاحات وأدوار خالدة
خلال أكثر من 150 فيلماً، وقفت أمام عمالقة الشاشة مثل جون واين، شون كونري، هنري فوندا، أورسون ويلز، أنتوني كوين، وبيرت لانكستر. جسدت صورة المرأة القوية المستقلة، لتصبح رمزاً للتحرر والنسوية في السينما الأوروبية والعالمية.
من أبرز أعمالها:
المجهول المعتاد (1958 – ماريو مونيشيلي)
روكو وإخوته (1960 – لوتشينو فيسكونتي)
الفتاة ذات الحقيبة (1961 – فاليريو زورليني)
8½ (1963 – فيديريكو فيليني)
النمر (1963 – لوتشينو فيسكونتي)
ذات مرة في الغرب (1968 – سيرجيو ليوني)
رمز للنسوية والفن الراقي
لم تكن كاردينالي مجرد وجه جميل، بل جسدت نموذج المرأة الحرة الواعية بقيمتها، متحدية القوالب النمطية، وبانية مسيرة مستقلة رسخت مكانتها في عالم يندر فيه اعتراف السينما بقوة النساء.
جوائز وتكريمات
حصدت خلال مسيرتها الثرية أرفع الجوائز: خمس جوائز ديفيد دي دوناتيلو، خمس شرائط فضية، ثلاث غولدن غلوب، إضافة إلى جائزة باسينيتي من مهرجان فينيسيا، وجائزة Grolla d’Oro.
كما نالت تقديراً دولياً رفيعاً شمل الأسد الذهبي لإنجاز العمر من فينيسيا، والدب الذهبي من برلين، وجائزة لوميير. وفي 2011 صنّفتها صحيفة لوس أنجلوس تايمز بين أجمل 50 امرأة في تاريخ السينما.
إرث خالد
برحيل كلوديا كاردينالي، تفقد السينما العالمية آخر أيقوناتها الكبرى، وتبقى أفلامها شاهداً على موهبة وجمال لم يعرفا زوالاً. لقد كانت أكثر من مجرد نجمة شاشة؛ كانت مرآة لعصر، ورمزاً لفنّ لا يشيخ.