تراجع صناعة السلاح الصينية… الفساد يضرب “ترسانة شي” رغم تضخم الإنفاق العسكري
على الرغم من التوسع الهائل الذي شهدته القدرات العسكرية الصينية خلال السنوات الأخيرة، يكشف تقرير حديث عن تحديات غير مسبوقة تضرب قطاع الدفاع في بكين، الذي يُعد أحد أعمدة مشروع الرئيس شي جين بينغ للتحول إلى قوة عسكرية عالمية منافسة للولايات المتحدة.
فعلى مدى سنوات، ضخت الصين استثمارات ضخمة في تطوير أسلحة متقدمة، من الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية إلى السفن الحربية والدبابات الحديثة.
هذا التحديث السريع دفع منافسيها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة واليابان، إلى تعزيز صناعاتهم الدفاعية لكبح صعود “العملاق الآسيوي”.
لكن خلف هذا المشهد الطموح، تكشف الأرقام عن تراجع غير متوقع يهدد خطة التحديث العسكري الصينية.
انكماش غير مسبوق في قطاع الدفاع
وفقًا لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، سجلت صناعة الدفاع الصينية انخفاضًا بنحو 10% في 2024، رغم ارتفاع الإنفاق العسكري المتوقع بنسبة 7.2% بحلول عام 2025.
ويمثل هذا التراجع أكبر علامة استفهام حول قدرة بكين على مواصلة سباق التسلح.
وتضررت شركات أساسية في الصناعة العسكرية بشكل حاد؛ إذ سجلت مجموعة نورينكو—أكبر مُصنّع للأسلحة البرية في الصين—انخفاضًا ضخمًا بلغت نسبته 31%، بينما سجلت شركة CASC المتخصصة في تكنولوجيا الصواريخ والفضاء انخفاضًا بنسبة 16%.
ويؤكد نان تيان، مدير برنامج الأسلحة في SIPRI، أن “سلسلة الاتهامات بالفساد في منظومة شراء الأسلحة أدت إلى تأجيل أو إلغاء عقود كبرى في 2024، مما زاد من عدم اليقين بشأن وتيرة تحديث الجيش الصيني”.
حملات مكافحة الفساد… نقطة الضعف الأكبر في منظومة شي

منذ عام 2012، يقود الرئيس شي جين بينغ حملة موسعة لمكافحة الفساد داخل الجيش والقطاع الدفاعي. ورغم أهميتها من منظور داخلي، فإن آثارها الجانبية كانت قاسية على قطاع التصنيع العسكري.
فقد شهد العقد الأخير إطاحة العشرات من كبار الضباط والمسؤولين التنفيذيين، بينهم نواب سابقون لرئيس اللجنة العسكرية المركزية، إضافة إلى ضباط بارزين من القوات البحرية والجوية وقوة الصواريخ.
وشملت حملة التطهير في 2023 أسماء كبيرة مثل:
ليو شيتشوان – رئيس شركة نورينكو
وو يانشينغ – رئيس شركة CASC
وانغ تشانغتشينغ – نائب رئيس شركة صناعات الفضاء الصينية
وأدى رحيل هذه القيادات إلى تباطؤ واضح في الإنتاج العسكري وتعطّل برامج تطوير الأسلحة.
ضغوط إقليمية وصعوبات داخلية
هذا التراجع يأتي في وقت حساس بالنسبة للصين، التي تعتمد على قوة صناعتها الدفاعية لتحقيق أهداف استراتيجية، أبرزها:
تعزيز النفوذ العسكري في بحر الصين الجنوبي
الحفاظ على الضغط العسكري والسياسي على تايوان
مواجهة التوسع العسكري المتصاعد في اليابان، التي ألمحت حكومتها مؤخرًا إلى استعدادها الردّ على أي “طوارئ في تايوان”.
ومع استمرار التحديات التي تواجه سلاسل إنتاج السلاح الصينية، يبدو أن مشروع شي جين بينغ لتحديث الجيش قد يواجه اختبارًا صعبًا في السنوات المقبلة، خاصة وسط الضغوط الإقليمية المتزايدة واستمرار حملات مكافحة الفساد داخل المؤسسة العسكرية.
اقرأ أيضا:
الغواصات اليابانية… السلاح الصامت الذي يربك الصين ويغيّر ميزان القوة
جيش عالمي المستوى: رؤية الصين للتفوق العسكري على واشنطن
الصين كما لم أرها من قبل: رحلة إلى سبلينديد تشاينا “صور وفيديو”