اتفاقيات إبراهيم بين التطبيع والتوترات: هل تهتز بعد الغارة الإسرائيلية على الدوحة؟
كتب : خالد محمود
أعاد الهجوم الجوي الإسرائيلي على الدوحة، عاصمة قطر، في 9 سبتمبر 2025، والذي استهدف قيادات من حركة”حماس”، النقاش حول مستقبل اتفاقيات إبراهيم، التي وُقعت عام 2020 بين إسرائيل وعدد من الدول العربية برعاية أمريكية.
الهجوم، الذي خلّف قتلى من بينهم أقارب لعناصر الحركة، أثار موجة إدانة عربية وإسلامية واسعة خلال قمة طارئة عُقدت في قطر، وسط تحذيرات من أن التصعيد الإسرائيلي قد يقوّض مسار التطبيع ويهدد استقرار المنطقة.
اقرأ :الرئيس السيسي: إسرائيل تجاوزت كل الحدود الحمراء والعدوان على قطر تهديد للأمن العربي
ما هي اتفاقيات إبراهيم؟
اتفاقيات إبراهيم وُقعت عام 2020 في البيت الأبيض بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، قبل أن ينضم السودان والمغرب لاحقاً. وبموجبها، أُعيد فتح قنوات التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني بين هذه الدول وتل أبيب، معوعود بمكاسب اقتصادية وتكنولوجية واسعة.
الإمارات حصلت على فرص للاستفادة من التكنولوجيا الإسرائيلية، خاصة في الأمن السيبراني والزراعة.
إسرائيل جنت استثمارات عربية وعززت حضورها الإقليمي اقتصادياً وأمنياً.
المغرب نال اعترافاً أمريكياً بسيادته على الصحراء الغربية مقابل التطبيع.
السودان أعلن موافقته، لكنه لم يُصدق رسمياً حتى اليوم.
الاتفاقيات رُوّج لها باعتبارها مدخلاً لـ “شرق أوسط جديد” يقوم على التعاون بدلاً من الصراع، غير أن غياب التقدمفي القضية الفلسطينية ظلّ عاملاً مؤرقاً، فيما بقيت السعودية خارج الإطار الرسمي مع إبداء تحفظات واضحة.
لماذا تتعرض الاتفاقيات للخطر؟
التصعيد العسكري الإسرائيلي، خاصة في غزة، وتداعيات الغارة الأخيرة على الدوحة، يضغطان على الدول الموقعة. فالرأي العام العربي ما زال متحفظاً تجاه التطبيع مع إسرائيل، وأي استهداف لدول إقليمية مثل قطر يزيد من حدةالانتقادات.
الإمارات، رغم عدم انسحابها، أبدت استياءً واضحاً وقلّصت من المشاركة الإسرائيلية في فعاليات مشتركة.
قطر، التي تؤدي دور الوسيط في ملفات حساسة، اعتبرت الغارة “هجوماً غادراً”، ما قوض الثقة في جدوى التعاونمع تل أبيب.
الدول العربية والإسلامية أدانت بالإجماع الهجوم خلال القمة الطارئة في الدوحة، معتبرة أن مثل هذه الأفعال تهدداستقرار المنطقة وتفرغ جهود التطبيع من مضمونها.
إلى جانب ذلك، وُجهت انتقادات للولايات المتحدة باعتبارها الراعي الأساسي لاتفاقيات إبراهيم، حيث اتُهمت بالفشلفي كبح جماح التصعيد الإسرائيلي أو ضمان التوازن في الصراع.
مستقبل الاتفاقيات في مهب الريح
رغم أن أي دولة موقعة لم تعلن رسمياً انسحابها من الاتفاقيات حتى الآن، إلا أن مؤشرات “فتور” العلاقات باتت واضحة، مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومات العربية.
ويرى مراقبون أن استمرار التصعيد،خصوصاً في غزة أو تجاه دول إقليمية مثل قطر، قد يعجّل بإعادة تقييم شاملة لهذه التفاهمات.
الهجوم على الدوحة.. نقطة تحول؟
الغارة الإسرائيلية على مجمع في الدوحة، والتي لم تُصِب قيادات حماس الرئيسيين، اعتُبرت من قبل المراقبين تجاوزاًخطيراً لأنها استهدفت دولة تلعب دور الوسيط المحوري في النزاعات الإقليمية، وتحتفظ بعلاقات وثيقة مع واشنطن.
البيت الأبيض أعلن أنه لم يكن على علم مسبق بالهجوم، في محاولة لطمأنة قطر، لكن الحادثة عمّقت الشكوك بشأنجدوى “الشرق الأوسط الجديد” الذي بشرت به اتفاقيات إبراهيم.
وفي ظل هذه التطورات، تبدو فرص استمرار الاتفاقيات قائمة من الناحية الشكلية، لكن محتواها العملي قد يتعرض لتآكل تدريجي، ما يهدد بتحويلها من ركيزة للاستقرار الإقليمي إلى مجرد وثائق سياسية على الورق.
اقرأ أيضا:
نتنياهو يرفض اقتراحًا أمريكيًا للتطبيع مع السعودية مقابل خطة لدولة فلسطينية