حرب الذرائع والتدخل الخارجي في ليبيا

فضح قرن من اكاذيب الحروب

793

كتب خالد الحديدي

الحقيقة التي يدركها الجميع أن ليبيا تعرضت لسلسة من الأكاذيب التي بنت عليها المحافل السياسية والدولية قرارات لخدمة العدوان على ليبيا مثل  مجلس الأمن والأمم المتحدة، وتحججت بذريعة حماية المدنيين، بينما في الحقيقة لم يقف أحد فى وجه أمريكا عندما ضربت هيروشيما ونجازاكي بالقنابل الذرية، بينما لم يستطع أحد أن يقول للأمريكان أنتم قتلتم المدنيين ولم يقف أحد في وجه فرنسا وأمريكا فى فيتنام عندما حرقوا الشعب الفيتنامي بـ”قنابل النابلم”، ولم يقف أحد ضد العدو الصهيوني عندما ارتكب مجزرة بحر البقر ودير ياسين وقانا وصبره وشتيلا ولم يقف أحد في وجه بريطانيا.

هذه الجرائم لا يمكن “لأمريكا وفرنسا وبريطانيا” أن يتحججوا بحجة تدخلهم من أجل حماية المدنيين وحقوق الإنسان وما إلى ذلك، لأن تاريخ هذه الدول إجرامي واستعماري وما حدث فى الجزائر ليس بغائب عن أحد، عندما قتلت فرنسا مليونًا ونصف المليون شهيد، وعندما قامت بتحويل الصحراء الجزائرية إلى منطقة لتجارب سلاحها النووي دونما أكتراث للشعب الذي يعيش فوق هذه الأرض والآثار التي تترتب على هذه التجارب النووية.

بينما فى الحقيقة أن من مارس القتل بحق المتظاهرين آنذاك كانت عصابات تسللت عبر الحدود الشرقية لليبيا من جماعة حماس الإخوانية التي تخفت في لباس رجال أمن ليبيين لتحقيق أهداف العدوان، كما روج الإعلام المأجور أكذوبة 8000 مغتصبة، وأن الجيش الليبي يقصف المدن بالطائرات الحربية واتهام الشرفاء من الجيش الليبي بتناولهم لحبوب الفياجرا، والكثير من الشائعات والأكاذيب المغرضة والمضللة التى أدت فى النهاية لجلب الناتو، حيث عملت أكثر من 50 قناة مرئية على بث الأكاذيب ومئات الصحف والمواقع الإلكترونية المسيّسة من الإخوان المجرمين، التابعة لمخابرات دول أجنبية،

إنها كانت حملة إعلامية عالمية شرسة غير مسبوقة للتمهيد للعدوان وتبرير العدوان الذي استهدفت ليبيا فى العام 2011.

لقد سعوا  إلى تدمير ليبيا بالكامل وتدمير البنية التحية، وإغراق البلاد فى حالة من الفوضى والصراع الدموي، ناهيك عن سرقة مقدرات الشعب ونهب ثرواته وجعله رهينة للقوى الاستعمارية الغربية، هذا ما خلفه تدخل الناتو فى ليبيا عام 2011، والآن أصبحت الدول الغربية تتصرف فى أرصدة ليبيا التي هي استثمارات فى دول كثيرة حتى ما يمسى بميزانية ليبيا الآن يشرف عليها وكيل وزارة الخزانة البريطاني، ووكيل وزارة الخزانة الأمريكي، ومندوب عن البنك الدولي، إضافة إلى ما وصفهم بخيالات المآتة الموجودين على رأس الخزانة من حكومة السراج، كما أدى التدخل الأجنبي وسقوط النظام الليبي بفعل عدوان “الناتو” إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وانتشار الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية حتى أصبحت البلاد مرتعًا للإرهاب الدولي.

والعودة الى الاجراءات والأكاذيب التي تم اتخاذها لتدمير ليبيا فكانت

رواية أسلحة الدمار الشامل قد انفجرت في اوجه المحافظين الجدد ولكنهم كانوا قد عقدوا العزم علي إعادة تشكيل الشرق الأوسط. ومن يتحكمون في الرأي العام كانوا قد تلقوا درساً قوياً. وجدوا ان “حقوق الانسان” و “حماية الأبرياء” هي الاكاذيب الاكثر تأثيراً عندما يريدون إقناع المواطنين بالموافقه علي الحرب. فعندما جاء الوقت لبيع فكرة الحرب علي ليبيا،  فالمعتدي من الناتو الذي قاد مجموعه الامم المتحده، لَبْس عبائة “حقوق الانسان” ولجأ لمفوضية حقوق الانسان الامميه.

بدأ التدخل في ليبيا بخطاب من ٧٠ جمعيه اهليه يطالب الامم المتحده بتعليق عضوية ليبيا في مفوضية حقوق الانسان وايضاً بتفعيل ما سمي “بمسؤليه الحمايه والتي تدافع عن حقوق الشعب الليبي مما نسب للحكومه من ممارسات بشعه ضده.

يوم ٢٥ فبراير ٢٠١١ وفِي جلسه خاصه لمفوضية حقوق الانسان ووفق علي توصيات الجمعيات الأهليه واتخذ القرار بها وذلك دون التصويت عليه.

وفِي الحال قام مجلس الأمن بإصدار قراري ١٩٧٠ و ١٩٧٣ لفرض حظر طياران طائرات السلاح الليبي فوق الاراضي الليبيه وذلك “لحماية المدنيين” و “تمكين إيصال المعونات الانسانيه”. وبعد ثلاثة ايّام استخدمت هذه القرارات كل من امريكا وبريطانيا وفرنسا لضرب الشعب الليبي بالقنابل.

في هذه الأثناء بدأ  لويس مورينو – أوكامبو  النائب العام للمحكمة الجنائيه الدوليه في العمل علي تبرير الأسس القانونيه لهذا الغزو.  كتب مسوده للطلب الذي يقدم للقضاة يطالب فيه بإصدار مذكره للقبض علي القذافي بتهمة جرائم ضد الانسانيه. وبالرغم من ان قوات الناتو كانت فعلاً تقوم بغزو بلد بناء علي اتهامات غير مثبته من جمعيات اهليه ، لم يستجاب لطلب مورينو-أوكامبو الا في ١٦ مايو.

يوم ٢٨ يونيه، يوم واحد بعد إصدار مذكرة الإيقاف ، اشترك مورينو-أوكامبو في مؤتمر صحفي حيث سأله احد الصحفيين عن الادله التي تثبت تورط القذافي في هذه الجرائم الذي هو متهم بإرتكابها.

وكان رده ان علي الصحفي قرأة مذكرة التوقيف المعلنة للجميع والتي تغطي حوالي ٧٧ صفحه بها كل الجرائم والتفاصيل والتي علي اساسها اتهم بها القذافي وانهم هم قضاه ورجال النيابه لا يتعاملون الا علي أساس الحقائق والأدلة.

وبالرغم من ان الوثيقه التي طالب مورينو-أكامبو العامه قرأتها لمعرفة الجرائم التي اتهم بها القذافي ، وبالرغم من انها فعلاً تتكون من ٧٧ صفحه، الا ان النسخة التي قدمت للعامه قد نالت منها الرقابه –  وبشده – بحيث اقتص منها ٥٤ صفحه وهي الصفحات كلها التي تتعامل مع الاتهامات الموجهه للقذافي.

اكثر ما هو مفزع في هذه الكذبه هو افتضاحها الواضح. لم يهتم اَي ممن تورط فيها بمصلحة الشعب الليبي. لا الصحافه ولا السياسيون ولا محامو المحكمه الجنائية الدوليه. ولذلك فعشرة سنوات بعد تدمير ليبيا علي أيدي الناتو ، المنقذ ، وبمباركه من الامم المتحده، نجد أسواق للرقيق في الهواء الطلق في كل أنحاء البلاد التي تظاهر فرسان حقوق الانسان انها تهمهم.

الاستنتاج والى الآن وحتى كتابة تلك السطور مازال الوضع الليبي السياسي والاجتماعي غامضا ولا احد يستطيع التكهن بالنتائج.

عمليات علم زائف ، صراعات مؤججه ، أخبار زائفه وحروب زائفه باسم حقوق الانسان. في طول القرن الماضي استخدم كم من الأساليب ليقنع العامه في الاشتراك في ألاعيب المجمع الصناعي العسكري، وعبر هذا القرن فقد سالت دماء الملايين كنتيجة مباشره لكل هذه الحروب.

كما يقال فأول من يقتل في الحرب هي الحقيقه. ولكن لو اردنا السلام فلابد من مواجهة هؤلاء الكاذبين هو بمعرفتنا بأكاذيبهم عن الحروب، وبالتسلح بهذه الحقيقه فالعامة بجب ان  يكون لديهم اخيراً الفرصه لايقاف الحرب القادمه  قبل ان يتمكنوا دعاة الحرب من اختلاق حرب جديده.

ولكن هذا لا يعني التوقف عن الكذب المفضوح للتذرع في ضرب البلاد ذات السياده مثلما حما حدث  في سوريا ومثلما الان يبدو انه علي وشك الحدوث مع  ايران والصين . مازالت الاكاذيب تستخدم ولكن بدأت الشعوب تفطن لها وخصوصاً بمساعدة السوشال ميديا في افتضح امر الاكاذيب ومن يقدمها. وبالرغم من ذلك يكملون في القيام بها وفِي الاعتداءات الصارخه واقتراف جرائم حرب واضحه ضد الشعوب بالهجوم العسكري الغير مبرر.

اقرأ أيضا:حرب الذرائع والتدخل الخارجي في الخليج

 

Visited 4 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه