صورة راسخة في الاذهان للمعلم او الاستاذ الجامعي او الشيخ او القس وهي تتمثل وتتجسد معانيها في القيمة والمبادئ والاحترام والرقي والاخلاق .. انها صور جامعة استقرت في الوجدان وتعايشنا معاها ازمنة قبل ان تتبدل وتتلوث وتتمرق وتتشوه في زمن اغبر من حمو وبيكا الي محمد رمضان ومن فساتين رانيا يوسف وفتيات التيك توك الذين تربحوا بالالاف من الدولارات لافساد المجتمع الذي هو يحتضر في الاصل مع تعالي تيارات الفشخرة والمنظرة والتطلع المريب الي الاستهلاك تحت مسميات ودواعي التطور ومواكبة العصر والتغيير بل يمتد الامر الي اهانة الرموز وضرب جذور المجتمع الاخلاقية من خلال اعلام اثم لا يرتقي الي مستوي المهنية وبرامج مسفه تهدف الي افساد الذوق العام وابلكشينات تعزف وتسيطر علي المسطحين هذا الزمن المتناقض بما يحمله من انواع واطياف البشر الذين يقدسون المال عن القيم والمناصب عن الاخلاق وشراهة الاستحواذ عن العطاء وتحويل مسار العلم من هدف وبناء الي مصالح وتربح لينحر الفساد بكل صورة ما تبقي من الذين يرغبون في الحياة علي ثوابتهم وهم بالطبع انقرضوا او في حالة غيبوبة او موت اكلينيكي لان المتغيرات طالت كل شئ في زمن عنوانه ” البقاء لمن يملك فقط ” وبالتالي انحدرت المهن المختلفه بسبب تيارات طفيليه اكتسحت اشبه بفيروس كورونا الغير مرئي ولكنه قادر علي الاصابة والقتل السريع مهما كان حذر الانسان .. وبالتالي فقدنا صورةً المعلم الفاضل التي جسدتها روايات وافلام وسطرتها اقلام
أستاذ حمام»، قام به الممثل الكبير نجيب الريحاني، وكان أقدم وأشهر من جسد شخصية المعلمـ في السينما المصري، حيث قدم الريحاني دور مدرس اللغة العربية الفقير، ذو المبادئ والقيم الرفيعة، الذي يعمل في مدرسة خاصة، وطرد منها وبعدها أصبح مدرسًا خاصاً لليلى (ليلى مراد) بنت مراد الباشا (سليمان نجيب)ـ وأحبها. الفيلم إنتاج عام 1949.
وفي الفترة هذة التي كانت فيها كل انواع الرقي والعلم والتعليم والصحة كان هذا العصر انساني بالدرجة الاولي واجتمع فيه عظماء مصطفي امين وعلي امين وطه حسين والعقاد ونجيب محفوظ ويوسف ادريس واحسان عبد القدوس وهيكل ونجوم عمالقة عمر الشريف وفريد شوقي ورشدي اباظة وشكري سرحان وصلاح ذو الفقار وانور وجدي واحمد رمزي وفاتن الحمامه وماجدة بخلاف المطربين فريد الاطرش وعبد الحليم وام كلثوم ومحمد فوزي وغيرهم .
زمن التوهج القيمي الذي ابرز قيمة المعلم وطهرها ودفعها الي المجتمع وابرزت ثقافات الشباب في الجامعه ومدي تاثير الاستاذ الجامعي في بناء الوعي المجتمعي والاخلاقي والقيمي بل كان القدوة الحقيقيه من هيبة واحترام وتقديس وتبجيل والقدوة من المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم، وقد ساق الله تعالى الكثير من سير الأنبياء والصالحين وأمر بالاقتداء بهم، كما قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ ؛لأن للقدوة أثرًا عظيمًا في بناء المقتدي، وصياغة شخصيته، وتنمية قدراته ؛ ولهذا فإن الله – اوصانا بالقدوةً والاقتداء بها ولكن كله ذهب مع الريح اضمحل وتبخر في زمن تبدلت فيه البشر والضمائر وسقطت الاخلاق تحت اقدام سطوة المجد الوهمي وتقليب جيوب الناس ونهب ما تبقي من قيم يدافع عنها قلة معدمة خارج خريطة الحياة .
الفن ساهم في تقديم اعمال ساخرة يرصد ما حدث للمعلم من تدهور وانحلال قيمي وضياع القدوة .
فيلم الناظر لعلاء ولي الدين العام 2000، ثم فيلم “عسل أسود” الذي عُرض العام 2010 للنجم أحمد حلمي، الذي جاء ساخراً من كلّ شيء في المجتمع المصري، ظهر فيه نموذج “مِس ميرفت” (إيمي سمير غانم)، معلّمة الإنجليزية المضطربة، التي لا تستطيع النطق بشكل سليم، في إشارة إلى أنّ مستواها الذي ليس إلّا نتاج تعليم رديء، في مجتمع احتكرت فيه طبقة الأغنياء تعلّم اللغات الأجنبية، وأصبح أبناء المدارس الحكومية غير قادرين حتى على نطق العربية بشكل سليم.
ونجيب محفوظ في فيلم “زقاق المدق” (1963)، للمخرج حسن الإمام، الذي قام فيه الفنان الكبير حسين رياض بدور مدرس اللغة الإنجليزية، المضطرب نفسياً، الذي أصبح محطّ سخرية أهل الحي لتشهد بدايات انهيار الصورة الذهنية للمعلم .
وتمتد الصور تباعا في اعمال وكتابات لترصد التحول المهين والمخيف ففيدالسبعينيات قدّم حسين فهمي، في “انتحار مدرس ثانوي”، دور المعلم المسكين الذي أرهقته سياسات الانفتاح وغلاء الأسعار، وزواجه بامرأة أخرى طمعاً في أن يصبح أباً، لتتحوّل زوجتاه إلى مصنع أطفال، فضاق عليه الحال، لينتهي منتحراً في مياه النيل.
وبعد كم من الانهيارات يحاول البعض مثل وحيد حامد العودة الي صورة المعلم المثالي مرة اخري “آخر الرجال المحترمين” لنور الشريف دور البطولة من الأفلام القليلة التي أنصفت المعلم.
أمّا أحمد زكي، في فيلمه “البيضة والحجر” العام 1990؛ فقد جسّد شخصية دور معلم الفلسفة، الذي حوّلته المدرسة للتحقيق؛ لأنّه دعا طلابه للتمسك بالقيم والمبادئ، فضاق به الحال، بعد خسارة عمله الذي لا يكفل له حياة كريمة، فاستخدم قدراته المعرفية في الدجل والشعوذة، ليصبح صاحب سلطة ومال.
أما المخرج سعيد مرزوق؛ فقد رصد جانباً مغايراً إلى حد ما في فيلمه “المذنبون” الذي عُرض العام 1975؛ حيث يبيع ناظر (مدير) إحدى المدارس الحكومية أسئلة امتحانات نهاية العام، لقاء حفنة من المال، لرجل ثريّ في حفلة ماجنة، ليتمّ إلقاء القبض على الجميع، ويتلقى المعلم عقوبة السجن، ويظهر كضحية للمجتمع الذي أفسد منظومة التعليم، ويلقي الضوء على الفساد داخل المؤسسة التربوية، وهنا يقع المعلم أسير القضبان نتيجة جشعه الذي ولّده ضيق حال المدرسين في مصر.
هناك بعض الأفلام أنصفت صورة المدرس، وأظهرتها بموضوعية،
بعض من كتّاب الدراما رسموا صورة مثالية عن المدرسين وكأنّها أصبحت مطالب اجتماعية في رغبة قوية لاحياء دور مفقود بعد تفشي الجرائم والانتهاكات واستغلال مهنة المعلم في التربح وتشوية الرمزيةً.
وعن أبرز أدوار المدرسين في “زمن الفن الجميل” الدور الذي لعبه نور الشريف العام 2006 في مسلسل “حضرة المتهم أبي”؛ حيث يؤدي دور مدرس ثانوي يمتنع عن إعطاء الدروس الخصوصية، رغم ضيق عيشه، ويقاوم الفساد بالمثاليات، التي لا تضعف أمام هشاشة المجتمع.
وقبل ذلك جسّدت سميرة أحمد شخصية مقاربة، في مسلسل “امرأة من زمن الحبّ” العام 1998، وأظهر فيها السيناريست العربي الأشهر أسامة أنور عكاشة تلك القوة السحرية التي تمتلكها معلمة في سنّ التقاعد، تقوم على رعاية أبناء أخيها الذين تربّوا خارج مصر، لترسم ملامح حياة الضبط والالتزام لشبان في سنّ المراهقة، وتعيد تشكيل وعيهم من جديد، بعد وفاة والدتهم، متمسكة بالقيم الاجتماعية التي تربّت عليها في المنيا، صعيد مصر، حيث عاشت.
وبرع اسامة انور عكاشة في تقديم دور المعلم المثالي الذي هو معاني وقيم واخلاق متمثل في شخص حكمت هاشم في مسلسله ضمير ابله حكمت وهو نموذج للمعلم المفقود والاستاذ الحامعي الذي لم يعد مثل سابق العصر ..
وهو ما يقودني الي الواقعه المخيفة المرعبة ما حدث من استاذ جامعي في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية الذي تطاول بشكل سافر علي القرآن الكريم وسخر من اياته وسبة وانتهك حرمة الحرم الجامعي وتطاول علي الطلبه بالفاظ نابية خادشة للحياء
بخلاف ذلك الاسلوب الذي يميل الي البلطجة والعنجهيه والعنف اللفظي .
كلما يحضرني مشهد هذا الاستاذ الجامعي اصاب بحسرة كبيرة علي حال المجتمع الذي افرز هذا النوع المهين من المعلمين الذي يعلم الاجيال ويدفع بالافكار الباطلة ويزيف القيم والاخلاق ويدفع بالسموم في العقول .
للاسف المنظومة اصبحت باطلة وليست حالات فردية في ظل لعبة الهوس والتكالب علي المال والادوار والمناصب والترقي وتنامي تيار النفاق وتلوينه وزخرفتة حتي يمتد من كرسي الي كرسي ربما ينال المعلم الرضا السامي ويكون عميد ثم رئيس جامعة ثم محافظ او وزير .
نهج مفسد لحالة العلم والعلماء ويدفع الثمن الاجيال التي تتعلم وتخرج الي الشارع اما مغيبه او انتهازية او مفخخه وقليل من ينجو من فخاخ تلك الشريحة .
لابد من تطهير الحرم الجامعي من الافكار الرثه والقوالب النظرية وارباب المصالح وان تكون هناك ضوابط عنيفه للقب استاذ جامعي او معيد فليس كل من حمل ماجستير او دكتوراه او اصبح الاول علي دفعه بالحفظ والصم يكون استاذ وقدوة لابد من مراقبه مواقفه وافكارة وحالته الاجتماعيه وكذلك مظهرة وكيانه لانه المعلم الهيبه الانسان الاب القدوة والقائم بدور الخلوق في زمن هبت فيه رياح الافساد وقتل المعاني السامية .. نتمني في كل معلم ان تعيش بداخله صورتين جميلتين الاولي الاستاذ عباس مدرس التاريخ الذي جسدة الفنان محمود المليجي في فيلم رجل اسمة عباس والثاني المعلمة حكمت هاشم وهو مسلسل ضمير ابلة حكمت والذي جسدته الفنانه فاتن حمامه في رائعة اسامة انور عكاشة
لابد من ضوابط ومحاسبة المقصرين وتطهير الحرم الجامعي بل منظومة التربية والتعليم من المفسدين
التعليقات متوقفه