موديز تخفّض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.. وعلامات استفهام حول إدارة ترامب الاقتصادية

468

كتبت : بريجيت محمد 

في خطوة تعدّ سابقة منذ أكثر من قرن، خفّضت وكالة التصنيف الائتماني العالمية “موديز” التصنيف السيادي للولايات المتحدة من الدرجة المثالية Aaa إلى Aa1، لتفقد واشنطن آخر تصنيف ائتماني ممتاز كانت تحتفظ به لدى الوكالات الثلاث الكبرى.

ويأتي هذا القرار بعد أن خفضت وكالة “ستاندرد آند بورز” التصنيف الأمريكي في عام 2011 عقب أزمة سقف الدين، وتبعتها “فيتش” في أغسطس 2023.

عوامل التراجع: الدين المتصاعد والعجز المتفاقم

أوضحت موديز في بيانها أن خفض التصنيف لا يعود إلى الإدارة الأمريكية الحالية فحسب، بل إلى “فشل متراكم عبر إدارات متعاقبة في كبح جماح العجز السنوي المتزايد وتكلفة الفائدة المتصاعدة”، في إشارة مباشرة إلى التدهور المزمن في الميزانية الفيدرالية. ويبلغ الدين العام الأمريكي حاليًا نحو 37 تريليون دولار، أي ما يعادل أكثر من 120% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تقترب من نظيراتها في الدول الأوروبية ذات المديونية المرتفعة مثل إيطاليا.

سياسات ترامب: تخفيضات ضريبية جديدة ومخاوف من مديونية إضافية

تعززت مخاوف الأسواق بعد إعلان نية إدارة ترامب تنفيذ حزمة تخفيضات ضريبية تستهدف الأثرياء، تُموّل جزئيًا عبر خفض مخصصات برامج الرعاية الصحية والمساعدات الاجتماعية، والجزء الآخر عبر استدانة جديدة تقدر بـ 3.3 تريليون دولار خلال عقد.

ورغم تجميد المشروع في الكونغرس وسط معارضة بعض الجمهوريين، فإنه لا يزال على الطاولة.

البيت الأبيض يهاجم موديز: “لا مصداقية”

ردت إدارة ترامب بغضب على قرار موديز، حيث وصف المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، الوكالة بأنها “فاقدة للمصداقية”، مدعيًا أن الإدارة تعمل على “إصلاح فوضى بايدن من خلال مكافحة الهدر والاحتيال والانتهاكات”.

من جانبه، اتهم مدير الاتصالات في البيت الأبيض، ستيفن تشيونغ، أحد الاقتصاديين المرتبطين بتقييمات موديز بالتحيز ضد ترامب، رغم أن الخبير المذكور، مارك زاندي، لا يشارك فعليًا في عملية التصنيف.

المخاطر المستقبلية: الفوائد إلى ارتفاع والامتياز الأمريكي مهدد

يشير خبراء إلى أن تراجع التصنيف الائتماني الأمريكي قد تكون له تداعيات بعيدة المدى على الاقتصاد العالمي. فعلى مدار عقود، اعتُبرت الولايات المتحدة ملاذًا آمنًا للمستثمرين حول العالم، حيث اعتادوا على إقراضها مقابل معدلات فائدة منخفضة نظرًا لقوة اقتصادها واستقرارها المؤسسي.

غير أن استمرار تآكل الثقة بالسياسات الاقتصادية، مقرونًا بتفاقم الدين العام، قد يجبر واشنطن على دفع معدلات فائدة أعلىلجذب المستثمرين، ما يعني مزيدًا من الأعباء المالية في الموازنات المستقبلية.

نهاية “الامتياز الأمريكي”؟

التحذير الصادر عن موديز يتجاوز مجرد خفض التصنيف؛ إنه تنبيه خطير إلى أن الامتياز المالي العالمي الذي لطالما تمتعت به أمريكا قد يتآكل. فكلما ارتفعت تكلفة خدمة الدين، قلّ هامش المناورة أمام السياسات العامة، وزادت احتمالات دخول البلاد في دوامة مديونية يصعب كبحها، وهو ما قد يُقوض تدريجيًا المكانة الاقتصادية والمالية الأولى عالميًا للولايات المتحدة.

Visited 13 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه