تحقيقات الأمم المتحدة حول الوضع في غزة: جدل الأرقام والمصداقية في تقارير الضحايا
أصدر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان تقريرًا حول الوضع في قطاع غزة، مشيرًا إلى الأوضاع الإنسانية المأساوية التي يعاني منها السكان الفلسطينيون نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية من جهة، والميليشيات الإرهابية من جهة أخرى.
التقرير يشير إلى أن العمليات العسكرية الإسرائيلية أسفرت عن معاناة كبيرة للمدنيين، بينما تتسبب الميليشيات المسلحة في المزيد من الفوضى باستخدام الهياكل المدنية كغطاء لعملياتها.
إحدى النقاط الرئيسية التي يطرحها التقرير هي الأرقام المتضاربة حول عدد القتلى، حيث أشار إلى أن وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حركة حماس، أفادت بأن حصيلة القتلى قد بلغت 34,535 حتى أربعة أشهر مضت.
كما أفاد التقرير بتوثيق 8,119 حالة وفاة مؤكدة حتى 2 سبتمبر 2024، في حين أن الأمم المتحدة اعتمدت في بياناتها على الأرقام التي توفرها وزارة الصحة في غزة.
فيما يتعلق بالأرقام المستخدمة، يلاحظ التقرير أنه في إجراءات قانونية سابقة، مثل تلك التي رفعتها جنوب إفريقيا، اعتمدت محكمة العدل الدولية على تقديرات وزارة الصحة في غزة، حيث تحدثت المحكمة عن مقتل 25,700 شخص في بداية عام 2024.
ومع مرور الوقت، استمرت هذه الأرقام في التطور، لكن هناك شكوكًا بشأن مصداقيتها في ظل القيود المفروضة على الوصول إلى المنطقة وتحديات التحقق من تلك البيانات.
وقد تبنى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في 14 أكتوبر الماضي، رقمًا أعلى بلغ 42,200 حالة وفاة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى مصداقية هذه الأرقام في ظل غياب التحقق الكامل.
يعترف التقرير بأن العمليات العسكرية وظروف الحرب تجعل من الصعب للغاية إجراء تحقيقات دقيقة، في وقت تتعرض فيه فرق الأمم المتحدة والمراقبين الإنسانيين لتهديدات متواصلة.
إلا أن المفارقة تكمن في أن الأرقام التي تم التحقق منها بشكل جزئي أو غير كامل، والتي قد تكون مشكوكًا فيها، تم التعامل معها كحقائق غير قابلة للنقاش.
هذه الأرقام، رغم نقص التحقق، أصبحت أساسًا للعديد من القرارات الدولية والمراسيم القانونية التي تدين إسرائيل وتتهمها بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
تثير هذه القضية تساؤلات حول كيفية التعامل مع الأرقام في النزاعات المسلحة، حيث تصبح مسألة المصداقية محورية في تحديد المسؤولية القانونية والأخلاقية.
فعندما يتم التقليل من أهمية التحقق، يتم تعزيز أجندات سياسية دون الاهتمام الكافي بحماية وتعويض الضحايا. في النهاية، لا تقتصر القضية على الأرقام بل على الإنسانية نفسها، فكل ضحية، سواء كانت واحدة أو ألفًا، تستحق الاحترام والتقدير.
إن هذه الحالة تثير القلق حول الأبعاد الإنسانية للنزاع، وتستدعي ضرورة اتخاذ مواقف أكثر دقة وعناية في التعامل مع الأرقام التي يتم نشرها من أجل دعم قضايا إنسانية معينة.
التعليقات متوقفه