“تأثير انضمام مصر والدول العربية للبريكس: دراسة جيوسياسية واقتصادية”
مرحلة جديدة للبريكس: احتمالية انضمام دول إفريقية وشرق أوسطية جديدة تثير التساؤلات."
محمد زين
في ضوء الاهتمام الذي يوليه مركز الحوار لانضمام جمهورية مصر العربية لتكتل بريكس والذي تجلى في تدشين برنامج “بريكس والعالم” بالتعاون مع مركز ايجيبشن انتربرايز، نظم مركز الحوار بالتعاون مع مركز ايجيبشن انتربرايز وإدارة البحوث والدراسات الاستراتيجية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ورشة عمل، الأحد ٢٥ فبراير 2024، بعنوان “توسع البريكس: الأدوار المحتملة والتحديات التي ستواجهها الدول الشرق أوسطية والإفريقية”.
يأتي ذلك في ضوء ما يشهده تجمع البريكس من توسع، حيث انضمت كل من مصر، والسعودية، والإمارات، وإيران، وإثيوبيا إلى التجمع، وذلك في الأول يناير 2024 مع احتمالية ضم دول أخرى.
وقد هدفت الورشة إلى تحليل الانعكاسات الجيوسياسية والاقتصادية للتوسع في عضوية التكتل، عالميًا وإقليميًا، ورصد التحديات التي ستواجه الدول الجدد في سبيل التكيف مع سياسات التكتل وأهدافه، بالإضافة إلى معرفة الأدوار المحتملة للدول الإفريقية والشرق أوسطية داخل التكتل، وقياس مدى احتمالية قبول أو عدم قبول انضمام دول إفريقية وشرق أوسطية جديدة للتكتل.
وفي هذا الصدد، عُقدت الورشة لبحث وتحليل وصياغة رؤى استشرافية حول الفرص والتحديات التي ستواجه هذه الدول من ناحية، وما تمثله عضويتها من انعكاس على مستقبل البريكس من ناحية أخرى.
وناقشت الورشة عدد من المحاور تمثلت في: البريكس والعضويات الجديدة… الفرص والتحديات، البريكس والعضويات العربية … فرص وتحديات، البريكس وعضوية الدول غير العربية.. فرص وتحديات، وأخيرًا البريكس والعضويات المنتظرة.
وفي إطار دراسة تلك المحاور، تم عرض عدد من أوراق العمل التى أفردت دراسة كل دولة على حدة، حيث تقدمت الدكتورة لبنى غريب، مدرس العلوم السياسية بجامعة السويس، ورقة تتعلق بعضوية مصر في البريكس وقد تناولت الورقة بالبحث والتحليل المكاسب المحققة لمصر إثر انضمامها للبريكس، وكذلك التحديات التي ستواجهها جراء انضمامها لهذا التجمع.
كما قدم محمد الديهي، مساعد مدير مركز الحوار، ورقة تناول فيها عضوية السعودية في التجمع، وقد توصلت إلى أن انضمام الرياض للبريكس سوف يمثل إضافة هامة للتكتل فضلًا عن تحقيق رؤية السعودية 2030 التي تهدف لتنمية الاقتصاد السعودي وتحقيق مزيد من التنوع الاقتصادي، إلى جانب دوره في تعزيز مكانة الممكلة كوسيط محايد بين الغرب والشرق يعمل على تقليل تحول البريكس لمنظمة معادية تمامًا للغرب.
من جانبه قدم الدكتور عبدالله الشريف الباحث في شئون الأمن الإقليمي، ورقة تتناولت عضوية الإمارات، وذكرت الورقة أن انضمام الإمارات إلى مجموعة البريكس هو بمثابة فرصة مهمة لتحقيق مصالحها، وتطوير تجارتها واستثماراتها، وتحسين قدرتها على الوصول إلى أسواق جديدة، والانخراط الديناميكي مع الاقتصادات الناشئة والصاعدة، وتطوير مرونتها وتنويع خيارتها وشراكاتها الاستراتيجية على الساحة الدولية، بما يضمن تنفيذ خططها التنموية الكبرى، وتمكين نموذجها في الإدارة والحكم.
وعرضت الدكتورة إيمان عبدالحليم، الباحث المتخصصة في الشأن الإيراني بالمركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية، في ورقتها التي تناولت عضوية إيران، الأهداف المتحققة لطهران إثر انضمامها للبريكس، حيث تُظهر طهران تصميمًا على إقامة علاقات بناءة بدول العالم المختلفة، من خلال تفعيل دورها في المنظمات الإقليمية، مؤكدة على إخفاق مشروع العزلة الأمريكية تجاهها، مع دعم النظام الدولي متعدد الأطراف، وتقوية موقفها في المفاوضات النووية مع الغرب.
من جانبها عرضت الدكتورة سماح علي، مقرر البرنامج الاقتصادي بمركز الحوار ورقة حول عضوية إثيوبيا في التجمع، وقد سلطت ورقتها الضوء على تزايد أهمية أثيوبيا في الجغرافيا السياسية الإقليمية، فانضمام إثيوبيا إلى مجموعة البريكس يعد فرصة لتشكيل مستقبلها في مختلف المجالات، بما في ذلك النمو الاقتصادي وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز النفوذ السياسي الإقليمي.
كما تناولت الدراسة آفاق وإمكانات التعاون والاستفادة المتبادلة بين البريكس ودولة أثيوبيا، مع طرح لواقع التحديات والفرص المحتملة و أطر التعاون المشترك.
وخلال الجلسة الثانية، تم عرض عدد آخر من الأوراق بشأن الدول التي من المحتمل انضمامها للتجمع. وفي هذا الإطار قدمت الباحثتان هدير احمد ومنه الله بإشراف دكتورة جيهان عبد السلام استاذ الاقتصاد بكلية الدراسات الافريقية ورقة بعنوان المغرب والجزائر: إمكانيات الانضمام وتحدياته، حيث قدمت الورقة تحليلا لفرص وتحديات انضمام كلًا من المغرب والجزائر إلى تلك المجموعة، من خلال عرض لمقومات وإمكانات كل من الجزائر والمغرب التي تدعم موقف الدولتين للانضمام للبريكس، كما ركزت الورقة على الفرص والمصالح الاقتصادية المتوقعة في حالة الانضمام للبريكس إذ من المتوقع أن تحصل الدولتان على فرص ومصالح اقتصادية؛ وبالتالي فإن الانضمام سوف يدعم العملات الوطنية للدولتين، ويصب لصالح الاحتياطات النقدية الأجنبية، كما ستستفيد تلك الدول من موارد بنك التنمية الجديد مما يمنح تلك الدول خيار بديل لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
كما عرضت الدكتورة يمنى علي مكاوي، المدرس المساعد بكلية السياسية والاقتصاد – جامعة السويس، ورقة بعنوان “فلسطين وإمكانيات الانضمام”، وذكرت الورقة أن انتقال فلسطين من دولة “مهتمة بالعضوية” إلى “دولة مدعوة” مرهون بالعديد من العوامل التي ترتبط بفلسطين نفسها بالإضافة لسياسات وأهداف البريكس نفسه فيما يتعلق بتوازنات توسيع العضوية – وذلك برغم دعم المجموعة لفلسطين خلال الحرب على الغزة – في قمتها الاستثنائية في نوفمبر 2023، إلا أن السيناريو الأكثر تحققا هو عدم قدرة فلسطين على الانضمام إلى هذا التجمع فى المدى المنظور.
من جانبها قدمت آية بدر، الباحثة في الشؤون الدولية، ورقة بعنوان “نيجريا والسنغال، طموحات الانضمام وفرصه”، وتوصلت الورقة لعدد من النتائج لعل أبرزها وجود قدر من تلاقي المصالح والرؤى بين كل من السنغال ونيجيريا من جهة وتجمع البريكس من جهة أخرى، على نحو قد يسهم في تعزيز فرص حصول الدولتين على عضوية التجمع في حال تمدده إفريقيًا خلال الفترة المقبلة، وإن ذلك لا ينفي وجود بعض التحديات التي قد تعرقل فرص انضمام السنغال ونيجيريا للبريكس، مثل التحديات الداخلية، وقد خلصت الورقة إلى بعض التوصيات منها التأكيد على أهمية تعزيز التنسيق العربي الإفريقي في هذا الإطار بالتعويل على حلقات الوصل التي يمكنها أن تحقق هذا الترابط مثلما هو الحال بالنسبة لمصر بما يعظم المصالح المتبادلة والمكاسب لمختلف الأطراف. إلى جانب تعضيد دور جامعة الدول العربية وتعاونها مع الأطر المؤسسية الإفريقية وكذا تجمع البريكس؛ لضمان تبادل وجهات النظر حول أي من القضايا الخلافية قد تطرأ جراء أي تحولات كتلك التي قد تنجم عن توسع البريكس أفريقيًا.
كما عرض محمود عبد اللطيف، الباحث فى الشئون الإقليمية، ورقة بعنوان “البحرين والكويت، دوافع الانضمام وفرصه” ويُمكن أن يوفر انضمام الكويت والبحرين استفادة مشتركة لتجمع البريكس من جهة والكويت والبحرين من جهة اخرى مثل تعزيز التعاون الاقتصادي، التعاون في مجال الطاقة، تعزيز القوة السياسية والدبلوماسية، وتعزيز التنمية المستدامة.
أدار ورشة العمل، الوزير المفوض د. علاء التميمي، كما شارك فيها نخبة من صناع القرار والخبراء وعدد من الشخصيات الفكرية والأكاديمية المتخصصين بالعلاقات الاقتصادية، وقد خلصت الورشة إلى أهمية التركيز في البريكس على المشتركات وليس على التناقضات والنقاط محل الخلاف، كما بينت أهمية تجمع البريكس الذي يُعتبر نهجًا جديدًا في التعاون الدولي يركز على التكيف مع المتغيرات العالمية وتحقيق التكامل الاقتصادي دون المساس بسيادة الدول الاعضاء، فضلًا عن بيان الدور المهم الذى يلعبه في الساحة الدولية كقوة اقتصادية وسياسية تتميز بتمثيل دول ذات اقتصادات كبيرة مما يجعله لاعبًا رئيسًا فى القضايا الاقتصادية والسياسية العالمية.
التعليقات متوقفه