السفر إلي أوروبا حلم يقتل أبناء الشعب المصري.. الجمهورية والعالم تكشف طرق سماسرة الهجرة غير الشرعية
عبدالله منتصر
الهروب من الحياة الي الموت
- قتلي وغرقي ومفقودون.. السفر إلي أوروبا حلم يقتل أبناء الشعب المصري
- حكايات وآلام ترويها الأهالي وشباب تحكي قصتها للسفر إلي إسرائيل
- كيف وصل شاب الي تجويف عجلة الطائرة وما هو مصيره
- وما هي قصة السيدة التي كانت تصطحب أطفالا بوثيقة سفر باسم أبنائها
في كثير من الأحوال لا نستطيع السيطرة علي احلام سيطرت علي عقولنا وجعلتنا نخوض تجربة اقرب للإنتحار وفرصة النجاة تكاد لا تري، فيما يدفع الخوف من البقاء في القاع والرغبة في تقليد اعمي وثراء سريع بالبحث عن طرق غير شرعية للوصول الي بلاد الأحلام كما تراها عقولهم، فيبحثون عن سماسرة الهجرة غير الشرعية ويقترضون من المال الكثير ليدفعوها الي الوسطاء دون ضمان علي الأقل ابقائهم علي قيد الحياة في رحلة قائدها يبحث ايضا عن الهروب، وكأنهم جميعا يهربون من الحياة الي الموت.
الجمهورية والعالم تكشف طريق سماسرة الهجرة غير الشرعية وكيف كانت سوريا احدي محطات العبور الي اوروبا
استمرت رحلته ما يقرب من عامين حتي استطاع الوصول الي ما كان يحلم به وصولا الي اوروبا قبل ان يتم ترحيله الي مصر مرة أخري، حيث كانت الرحلة الأطول في حياته مرورا بحدود أكثر من دولة كما يسرد “ح . ر” حكايته للجمهورية والعالم، مشيرا الي ان فكرة الرحيل تمكنت من عقله بعدما رأي الكثير ممن حوله ينشر صورا امام برج “ايفيل” في فرنسا وآخر خلفه برج “بيزا” المائل في ايطاليا، والرغبة في مساعدة أسرته ورؤيته لهم سعداء هي الأكثر والحافز علي تضحيته ومغامرته ومحاولاته للوصول الي اوروبا.
يقول الشاب ان الطريق الأفضل كان يبدأ من سفاجا او نويبع الي الأردن وصولا الي “الرامسة” علي حدود سوريا استعدادا للذهاب الي تركيا عن طريق “وادي خالد” ما يضمن لنا الوصول بعد ذلك الي “انطاليا”، مشيرا الي ان ازمير في تركيا محطة لالتقاط الأنفاس حيث يبدأون رحلة حدودية اخري عن طريق احدي الأنهار وصولا الي حدود اليونان والدخول الي جزيرة توصلهم الي العاصمة اتينا، لتنتهي المرحلة الصعبة في مواجهة البوليس اليوناني علي الحدود والشرطة الحدودية لكل دولة قاموا بالمرور منها عن طريق الجبال يقودهم سماسرة الهجرة، وتبدأ مرحلة الحصول علي اوراق ثبوتيه لأحد المصريين والعبور به الي ايطاليا او فرنسا دون تأشيرة أو ان الشخص يقوم بتزوير بعض الأوراق حتي يستطيع الانتقال من اليونان الي ايطاليا.
ليبيا كلمة السر.. وشهود عيان: اللي كان يخاف مننا ويرجع في كلامه بيضربوه بالنار
تأثرت الهجرة غير الشرعية بالأحداث في سوريا فاتجهت الي طريق يقتصر مسافة الوصول الا أن فرصة النجاة ضئيلة ان لم تكن معدومة، بينما يتسارع الي هذا الطريق آلاف الشباب فمنهم الغرقي والمفقودين وآخرون وراء القضبان وقليل منهم من يحالفه الحظ في الوصول الي ايطاليا لتصبح كلمة السر هي ليبيا.
(أ . الأعرج و الكوتش و المعلم ح . م و ف . أ ) وآخرين، جميعها اسماء ارتبطت بتجارة الموت والتي تأبي الإستسلام، حيث ان لكل سمسار من هؤلاء شريك بالجانب الآخر في “ليبيا” يستقبل الشباب الراغب في الهجرة ويتم وضعهم في مخزن لتجميع العدد المطلوب والذي يتراوح بين “100 – 300” شخص، فمنهم من ينتظر شهور وقد تصل الي عام لاستكمال العدد فيقوم بتوفير مركب “غير صالحة لاستيعاب هذا العدد”.
يقول ع . س “احد الناجين من الهجرة غير الشرعية” تم تخزيننا في ليبيا غير مسموح لأحدنا الخروج الي ان تم الإعلان فجرا عن بداية الرحلة التي بدأت بمركب ضيق لا يستوعب العدد وعندما اعترض احدنا في الركوب قام باظهار سلاح ناري مهددا الجميع ان من يتخلف عن الركوب مصيره رصاصة في رأسه.
وأضاف الناجي من تلك الرحلة، جلسنا بطريقة معينة في المركب التي كان يقودها شاب لم نعرف حقيقته سوي ونحن علي وشك الغرق عندما توقف محرك المركب عن الدوران وبدأت المياه تتسرب بداخلها توجهنا الي هذا الشاب ليفاجأ الجميع انه ضمن المهاجرين وقد اتفق معه المهرب الليبي ان يعلمه كيف يقود تلك المركب وصولا الي ايطاليا، فيما يحاول البعض انتشال المياه والبعض الآخر يبحث عن اطواق نجاة تحسبا للغرق الوشيك، قبل وقوعهم في قبضة شرطة السواحل التي اعادتهم الي ليبيا مرة اخري ومن ثم ترحيلهم الي مصر.
وأوضح (أ . س) شاب مصري في ايطاليا لـ “الجمهورية والعالم” ان الطريق الذي يسلكه الجميع هذه الأيام من مصر الي ليبيا، والذهاب الي احد الأشخاص في تبوك بالقرب من محافظة مساعد، لتخزينه حتي استكمال العدد قبل الصعود الي المركب التي قد تغرق قبل الوصول أو تصادف احدي سفن الشحن فيأخذ من عليها وتسلمه الي السلطات الإيطالية او ان الصليب الأحمر بايطاليا يقوم بالإمساك بهم ووضعهم بالحجر الصحي 15 يوما وقد تصل تلك المدة الي شهر قبل ايداعهم في كامب.
ومن داخل الكامب الذي يقع في محافظة Bologna وتحديدا شارع via mattei 60 يقول هذا الشاب المصري لـ “الجمهورية والعالم” بأن الكامب يوفر لكل شخص متابعة طبية ونظافة شخصية منوها بأن المصريين يطلبون حق اللجوء بين (الإنساني “فقير”) وغاليا ما يقبل، أو (السياسي) وهذا الأمر صعب الحصول عليه الا انه غير مستحيل، مؤكدا بان من يتم الموافقة عليه يتم استخراج اقامة وشهريا 100 يورو او 75 مثل بولونيا او 300 حسب منطقة الكامب التي تقيم فيها اضافة الي الإقامة المجانية والطعام والشراب شرط عدم التغيب ثلاثة ايام متتاليين، بينما من يتم رفضه يقومون بتسليمه مستند يتيح له البقاء في البلاد شهرا ويقولون له عليك ان تغادر خلال تلك المدة من غير اقامة جبرية مما يتيح للشخص الانتقال والعمل بالدولة بطرق غير شرعية.
صربيا محطة جديدة في الهجرة غير الشرعية الي المجر وصولا الي النمسا
وكشف مصدر لـ “الجمهورية والعالم” عن طريق آخر للهجرة الغير شرعية من مصر الي صربيا ثم تهريب عن طريق الغابات الي المجر ثم الي النمسا، بينما يوجد طريق آخر من روسيا الي بيلا روسيا ثم الي اوكرانيا وصولا الي بولاندا، مؤكدا ان تلك الأحداث تكتظ بالمخاطر حيث ان التهريب من علي الأسلاك الشائكة وفي الغابات كلها مخاطر تؤدي الي الموت كما حدث لحالات كثيرة، بينما توجد وجهة أخري للهروب من تلك المخاطر بالحصول علي فيزا سياحة او بيزنس او دراسة للوصول فقط ومن ثم يمزق اوراقه ليتمكن من الهروب، أو ان شخصا يغادر بإقامة شخص يشبهه كما حدث مع بعض الحالات.
وأضاف آخر عن رحلته بداية من استخراجه “جواز سفر بحري” والعمل علي احدي المراكب التجارية بالاتفاق علي مبلغ وعند وصول الباخرة الي ايطاليا او فرنسا يتم تهريبهم، مشيرا الي ان بعض الأوقات يتم دخول البعض بالبطاقة الشخصية كعمال في الميناء والوسيط يساعدهم في الدخول الي المركب حيث يتم تسكينهم بغرفة المواتير حتي تتحرك.
خرج ولم يعد.. حكايات وآلام ترويها الأهالي وشاب يحكي قصة سفره للعمل في إسرائيل
في سبتمبر من العام 2014 غادر بعض الشباب صغير السن منازلهم والفرحة تملأ وجوههم حيث كانت وجهتهم الي الاسكندرية بعد الإتفاق مع الوسيط ترتيب كافة الأمور لمغادرتهم البلاد عن طريق “مراكب الموت” وفجأة انقطعت الأخبار عن الأهل والأصدقاء وترددت الإشاعات عن غرقهم وانباء اخري حول الإمساك بهم قبل مغادرتهم مباشرة وايداعهم خلف القضبان.
تقول الحاجة شلبية محمد “والدة احد الشباب المفقودين” خرج ابني منذ 7 أعوام وكان عمره وقتها 17 عاما مع شباب آخرين من قريته “شبراملس بمركز زفتي محافظة الغربية” بعد الإتفاق مع احد الاشخاص مساعدتهم في الوصول الي ايطاليا عن طريق الاسكندرية ولكنه لم يرجع او احد ممن كانوا معه.
وغلبت الدموع السيدة المسنة حزنا علي ولدها وهي لا تعرف شيئا عن ابنها قائلة، طرقنا جميع الأبواب عندما قال البعض انهم في السجن وذهبنا الي “قصر الرئاسة” ووزارة الداخلية واماكن كثيرة والرد واحد بأنه بخير وهيجي وقت ويخرج، لكن معرفش هيخرج منين وهل هو محبوس وعايش ولا بيصبروني عاوزه حد يطفي النار اللي عندي ويقولي الحقيقة، من 7 سنين وانا معرفش حاجة عنه واخاف اموت من غير ما اشوفه.
من جانبه يروي احد الشباب قصة سفره الي اسرائيل، قائلا تركت الجامعة في الفرقة الثانية لإعالة الأسرة وقمت باستخراج تأشيرة الي اسرائيل ثم غادرت الي قبرص ومنها الي اسرائيل، حيث ذهبت الي بعض المعارف من قريتي الي ان وجدت عملا في مطعم حتي بداية الانتفاضة فقامت اسرائيل وقتها بمحاولة اخلاء جميع العرب وعدت ثانية الي مصر، مشيرا الي ان السفر الي الخارج حلم كل شاب لتحسين معيشته في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها جميع البلاد.
كيف وصل شاب الي تجويف عجلة الطائرة وما هو مصيره
تشهد بعض قري محافظة الغربية سباقات كثيرة في الوصول الي اوروبا وطرق عديدة، حيث ودعت قري مركز زفتي جثامين ضحايا الهجرة غير الشرعية في مشهد تلو الآخر، بينما دفع ( أ . أ) حياته مقابل الوصول الي اوروبا، عن طريق التسلل الي تجويف عجلة الطائرة، بعد رفض والده سفره قبل اتمام الثانوية ليقرر السفر بهذه الطريقة دون علم احد من الأسرة.
وتعود الأحداث الي السابع عشر من ديسمبر للعام 2007، حيث قام شاب صاحب الـ 17 عاما من قرية ميت بدر حلاوة التابعة لمركز زفتي، بالتسلل الي تجويف عجلة الطائرة التابعة لشركة “اير فرانس” مما ادي الي سقوطه أثناء هبوط الطائرة بالقرب من مطار رويسي في باريس، وانتشر الحديث وقتها ان شخصا ساعده في المرور الي داخل المطار ليتخفى بين عجلات الطائرة، حيث كان يرتدي ملابس كثيرة وظل في مكانه إلى أن سقط من الطائرة.
سيدة تصطحب اطفالا بوثيقة سفر أبنائها مقابل 150 الف جنيها
اصبح المال هو كل شيئ فالعقل يعمل جاهدا في الحصول عليه بشتي الطرق وان كانت غير سليمة، حيث اتجه التفكير الشيطاني الي استحداث وسيلة آمنة في هجرة الشباب الي العالم الآخر فكانت تلك السيدة التي تمتلك اقامة ايطالية، تقوم باصطحاب من يرغب في السفر باقامات اولادها مقابل 150 الف جنيها، بينما كانت المرة الأخيرة عندما البست طفل ملابس بنت وهربت عندما تم الكشف عن ذلك.
ولا زالت الدولة تحارب الهجرة غير الشرعية بكافة الوسائل وتغليظ العقوبات، وسط تزايد اعداد المقبلين علي الهجرة بطرق غير شرعية ورجوع الكثير منهم جثامين وفقدان آخرين تاركين حرقة ولوعة فراق في قلوب ذويهم لا يمحيها سوي الموت.
الجدير بالذكر ان الشرطة المصرية تعمل بكل جهد للوصول الي سماسرة الهجرة غير الشرعية للحد من نزيف الموت والحفاظ علي ارواح الأبرياء من الشباب والأطفال ممن يرغبون في الوصول الي اوروبا بطرق غير شرعية قد تودي بحياتهم في معظم الأوقات، كما حددت وزارة الداخلية وسائل للاتصال والإبلاغ عن حالات الهجرة الغير شرعية والسماسرة التي تتسبب في غرق الكثير من الشباب.
التعليقات متوقفه