تحقيق: القسم الدولي “ترجمة سارة غنيم “
مع تصاعد التوترات الإقليمية بين تل أبيب وطهران، تتزايد الشائعات والتقارير حول احتمالية استهداف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، آية الله علي خامنئي.
لكن، وفقاً للخبير في الشؤون الاستراتيجية والدولية، رافاييل ماركيتي، فإن التخلص من خامنئي لن يؤدي إلى تحول ديمقراطي في إيران، بل قد يُفضي إلى مزيد من الفوضى أو ببساطة إلى تعيين بديل له.
ماركيتي، مدير مركز لويس للدراسات الدولية والاستراتيجية، يرى أن فكرة إسقاط النظام الإيراني عبر عمل عسكري أو استهداف رأس الهرم هي “وهم بقدر ما هي تعبير عن النفاق السياسي”، مؤكداً أن واشنطن وتل أبيب تراهنان على خيار محفوف بالتبعات القانونية والجيواستراتيجية.
خامنئي: استمرار لنهج الثورة
منذ وفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله روح الله الخميني، عام 1989، يتربع خامنئي على قمة السلطة في إيران. الزعيم المحافظ، الذي ينحدر من خلفية متواضعة، أثبت قدرته على الحفاظ على تماسك النظام وتوسيع نفوذه الإقليمي، خاصة من خلال دعم الميليشيات المحلية والفلسطينية.
ويقول ماركيتي: “خامنئي هو من حافظ على استمرارية مشروع الثورة الإيرانية… زعيم متشدد، يمسك بزمام الأمور بقبضة حديدية، ويُجسد الولاء الكامل لمبادئ الخميني”.
واشنطن وتل أبيب: ضربة محفوفة بالمخاطر
رغم أن فكرة القضاء على خامنئي طُرحت مراراً في أوساط صانعي القرار في واشنطن وتل أبيب، إلا أن ماركيتي يحذر من أن أي عملية اغتيال ستكون بمثابة “تجاوز خط أحمر” على الساحة الدولية.
ويضيف الخبير الايطالي : “الضربة الوقائية من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، أو القتل المباشر للزعيم الإيراني، تعد من وجهة نظر القانون الدولي انتهاكاً صارخاً وغير شرعي”.
ويرى ماركيتي نقلا عن صحيفة “Quotidiano.Net” أن مقتل خامنئي، إذا حدث، لن يؤدي إلى انهيار النظام أو ولادة الديمقراطية، بل إلى إعادة إنتاج القيادة ذاتها ضمن البنية الحالية.
“ربما تتمنى الولايات المتحدة وإسرائيل حدوث انتفاضة شعبية تؤدي إلى تفكك النظام، لكن هذا السيناريو غير مرجح في السياق الإيراني، لا سيما في ظل المخاوف الإقليمية والدولية من تداعياته”،
ويقول ماركيتي، مشيراً إلى أن مثل هذه العمليات قد تؤدي إلى “تأثير معاكس” يتمثل في التفاف الشعب حول السلطة.
بين الثورة والحرب الأهلية
من السيناريوهات الأخرى المحتملة، بحسب ماركيتي، اندلاع حرب أهلية داخلية. غير أن هذه الفرضية قد تُربك التوازنات الدولية، خصوصاً بالنسبة لروسيا والصين، اللتين ترتبطان بعلاقات استراتيجية مع طهران. “من الصعب تصور قبول موسكو أو بكين بتحول إيران إلى معسكر الغرب”، يقول ماركيتي.
الميدان: اشتباكات وخسائر بشرية
على الأرض، تستمر الاشتباكات والمعارك في التصاعد منذ أكثر من عشرة أيام، مع ازدياد أعداد الضحايا. ووفقاً لتقارير صادرة عن وكالة “هرانا” – وهي منظمة إيرانية مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان – فقد تجاوز عدد القتلى الإيرانيين 950 شخصاً، أي ما يقارب ضعف ما تعلنه الجهات الرسمية في طهران.
خطر إغلاق مضيق هرمز
وفي تطور مقلق، يُحتمل أن تستخدم إيران ورقة مضيق هرمز كورقة انتقامية في حال التصعيد. يقول ماركيتي إن هذا المضيق يشكل “رافعة استراتيجية خطيرة”، وإن أي تحرك لإغلاقه قد يؤدي إلى أزمة عالمية في إمدادات الطاقة. من هذا المنطلق، تحاول الولايات المتحدة تعزيز قنوات الاتصال مع الصين في محاولة لتخفيف التوتر وتجنب الأسوأ.
خلاصة
بين الاحتمالات الواقعية والتكهنات السياسية، يبقى مصير المرشد الأعلى الإيراني عنصراً مركزياً في التوازنات الإقليمية والدولية.
غير أن أي محاولة لإسقاطه بالقوة قد لا تقود إلى التغيير المنشود، بل إلى إعادة إنتاج النظام بصيغة أكثر تشدداً، وربما إلى انفجار إقليمي لا تتحمل المنطقة عواقبه.
التعليقات متوقفه