ترامب والتعريفات الجمركية: استراتيجية أم دعاية اقتصادية؟

353

التعريفات الجمركية لترامب: دعاية اقتصادية تتجاوز الواقع

قال العديد من الخبراء أن التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصين، وغيرها من الدول، لن تكون حلاً حقيقياً لمعالجة العجز التجاري الأمريكي المستمر. على الرغم من الحملات الدعائية التي تحاول تبرير هذه السياسة، يظل الواقع أن السبب الجذري لمشكلة العجز التجاري هو الإفراط في الإنفاق الحكومي الأمريكي، إلى جانب دور الدولار كعملة احتياطية عالمية، الذي يساهم في تقليل قدرة الولايات المتحدة على تصدير منتجاتها بكفاءة.

الدعاية والتقارير المتناقضة

في الأسابيع الأخيرة، شهدت الأسواق المالية حالة من الاضطراب المرتبطة بشدة بتسويق سياسات ترامب الاقتصادية من خلال وسائل الإعلام. فما كان في السابق انتقادًا حادًا للعولمة والسوق المفتوحة، تحول إلى التركيز على “غباء” ترامب المزعوم في تعامله مع الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الذي يروج فيه الإعلام الدولي لنظرية انهيار الدولار لصالح اليورو، نجد أن الواقع قد يسير عكس ذلك.

الصين وأوروبا: مفاوضات تلوح في الأفق

مؤخرًا، لفتت التقارير إلى أن الصين، تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ، قد أبدت استعدادها للمفاوضات مع الولايات المتحدة حول التعريفات الجمركية. هذا التغيير في المواقف جاء بعد تصعيد ترامب المستمر في فرض التعريفات، الأمر الذي دفع الصين إلى تقديم يد التعاون والجلوس على طاولة المفاوضات.

وفي نفس السياق، أفادت التقارير أن الاتحاد الأوروبي أبدى استعداده أيضًا للتفاوض مع الولايات المتحدة. عرض الاتحاد الأوروبي زيادة في واردات الغاز الطبيعي المسال وفول الصويا من أمريكا مقابل إلغاء التعريفات المفروضة على هذه المنتجات. هذه التحركات تشير إلى أن ترامب، على الرغم من أسلوبه المثير للجدل، قد يحقق بعض الأهداف المرجوة من فرض التعريفات.

النفط والأسواق المالية: التأثيرات الاقتصادية

على الصعيد الاقتصادي، تظهر نتائج مبكرة لتلك السياسات من خلال انخفاض أسعار النفط. فقد تراجعت أسعار خام برنت إلى نحو 62 دولارًا للبرميل، فيما انخفض خام غرب تكساس إلى أقل من 60 دولارًا، لتسجل خسارة كبيرة بنسبة 18% في أقل من شهر. هذا الانخفاض أسهم في تخفيف بعض الآثار التضخمية التي قد تنشأ نتيجة لانخفاض قيمة الدولار، وقد يساهم في تحفيز الاقتصاد الأمريكي من خلال زيادة تنافسية صادراته.

التعريفات الجمركية: استراتيجية ذكية أم مجرد دعاية؟

من المتوقع أن تساهم التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب في إعادة بعض النشاط الصناعي إلى الولايات المتحدة، إلا أن التكلفة قد تكون مرتفعة، مما يجعل بعض السلع الاستهلاكية أكثر تكلفة على المستهلك الأمريكي. بالرغم من ذلك، هذه السياسة تساهم في الضغط على الدول الأخرى للتفاوض مع الولايات المتحدة، وهو ما يظهر بالفعل في المفاوضات الحالية مع الصين والاتحاد الأوروبي.

في الختام، لا يمكن القول بأن التعريفات الجمركية ستكون الحل النهائي لمشكلة العجز التجاري الأمريكي. على الرغم من أن الاستراتيجية قد تحقق بعض المكاسب الاقتصادية على المدى القصير، إلا أنها لن تكون كافية لإحداث تغيير جذري.

مع ذلك، فإن الأسلوب الذي يتبعه ترامب في إدارة المفاوضات التجارية يعكس رغبة في إعادة ترتيب النظام التجاري العالمي لصالح الولايات المتحدة، وهو أمر يتطلب مزيدًا من الوقت والجهود الدبلوماسية لتحقيقه.

من المهم أن نفهم أن حملة ترامب الإعلامية حول هذه التعريفات قد تكون مدفوعة بأهداف سياسية واقتصادية بعيدة المدى، وحتى لو لم تؤدي التعريفات إلى حل سريع للمشاكل الاقتصادية، فإن تأثيرها على الساحة الدولية قد يكون أعمق من مجرد تأثيرات اقتصادية فورية.

اقرأ أيضا:
ترامب يحذر الأمريكيين: رفوف فارغة وارتفاع أسعار بسبب الحرب التجارية مع الصين
خطر الحرب التجارية يعود مجددًا… والتعريفات تفتح أول شرخ في حكومة ترامب
هل يصبح البيض “قشرة الموز” التي تُسقط ترامب؟ 

Visited 8 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه