اليد اليمنى للجولاني: رمز التعصب المخفي خلف ستار التغيير

أحمد الشرع في ثوب جديد: هل تغيّر الجوهر أم تغيّرت المظاهر؟

1٬003

كتبت:بريجيت محمد
لطالما اعتبرت المصافحة رمزًا للسلام والود، وهي لفتة تتجاوز التاريخ لتعكس عمق النوايا بين الأطراف. غير أن هذه الإشارة البسيطة تحمل دلالات مختلفة عند زعيم مثل أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام في سوريا. هنا، المصافحة أو غيابها يعكس بوضوح النفاق المتأصل في نهجه وطريقة عمله.

الجولاني وصعوده المتجدد

في أوقات الأزمات الكبرى، غالبًا ما يظهر أشخاص كالجولاني ليعيدوا تشكيل أنفسهم كشخصيات قيادية مقنعة ومخلصة للسلام والاستقرار.

ومع انهيار نظام بشار الأسد واستمرار حالة الفوضى في سوريا، برز الجولاني كشخصية قادرة على ملء الفراغ السياسي والعسكري، مقدمًا نفسه كزعيم يجسد قيم الديمقراطية والتسامح والمساواة.

لكن هذه الصورة المصقولة تخفي تاريخًا دمويًا طويلاً. فالجولاني، الذي نشأ في كنف الجهادية العالمية، عمل إلى جانب شخصيات بارزة مثل الزرقاوي والظواهري والبغدادي، واشتهر بأساليبه القاسية والوحشية.

مع ذلك، يبدو أن نهجه الجديد يهدف إلى طمس ماضيه الدموي وإعادة تقديم نفسه كشريك شرعي على الساحة الدولية.

التحول السياسي: خداع الغرب

بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا. الجولاني يتجاهل الوزيرة

يعتمد الجولاني في استراتيجيته الجديدة على وعود خادعة، مثل الانتخابات والديمقراطية، وهي شعارات تجذب الغرب وتدفعه لتجاوز الماضي. الغربيون، المهووسون بفكرة صناديق الاقتراع كرمز للشرعية، غالبًا ما يسقطون في فخ هذه الوعود دون التدقيق في النوايا الحقيقية وراءه

لقد أتقن الجولاني استغلال نقاط ضعف الغرب، فالغربيون يميلون إلى تصديق ما يريدون تصديقه.

هم يطمحون للأمل، حتى لو كان وهمًا، ويبحثون عن استقرار سطحي يلبي احتياجاتهم الاقتصادية والسياسية. وهذا ما يقدمه لهم الجولاني في صورة معدلة لزعيم جهادي.

النفاق الظاهر: اليد التي لا تصافح

لكن على الرغم من هذا التغيير المزعوم، تبقى تفاصيل صغيرة كعدم مصافحة وزيرة الخارجية الألمانية، على سبيل المثال، تكشف عن القيم الحقيقية التي يعتنقها الجولاني وأتباعه.

المصافحة هنا ليست مجرد حركة بسيطة؛ إنها رمز للمساواة والقبول، وغيابها يعكس استمرارية الفكر المتعصب الذي يرفض المرأة أو “الآخر” المختلف.

الجولاني قد يضع ربطة عنق ويظهر في وسائل الإعلام بمظهر حديث ومتحضر، لكنه لا يستطيع تجاوز حدوده الأيديولوجية العميقة.

هذه الإشارات البسيطة تعري زيف التحول الذي يدعيه، وتعيد تسليط الضوء على جوهره الحقيقي كقائد متطرف يسعى لتحقيق أهدافه بأساليب مموهة.

ختامًا: قراءة في مسار الجولاني

إن محاولة الجولاني لتغيير مظهره السياسي والاجتماعي ليست جديدة في سياق زعماء الحركات المتطرفة. لكنها تظل محاولة تهدف إلى كسب تعاطف المجتمع الدولي ودعم القوى الغربية دون تقديم تنازلات حقيقية.

وفي الوقت الذي يستمر فيه بتوجيه أتباعه نحو العنف والتعصب، يقدم نفسه كشخصية ديمقراطية تواكب العصر.

التحدي الأكبر يكمن في قدرة المجتمع الدولي على رؤية الحقيقة وراء قناع الجولاني، وفهم أن المصافحة التي يرفضها ليست مجرد تفصيل صغير، بل دليل صارخ على استمرار الفكر المتطرف الذي لا يمكنه تجاوز حدوده الأيديولوجية مهما حاول التنكر.

اقرأ أيضا:
تعديلات جذرية في المناهج السورية: هل هي تحديث أم تشويه للهوية؟
الشرع يدعو إلى رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام الأسد وبيربوك تطالب بضمانات لعدم أسلمة النظام وتعزيز مشاركة النساء 

Visited 60 times, 1 visit(s) today

التعليقات متوقفه