إيطاليا مهددة بغرامة 25 مليار يورو لعدم الامتثال البيئي
إيطاليا تُصارع الانبعاثات.. وغضب أوروبا يقترب من الانفجار
كتبت : سارة غنيم
غرامة مرتقبة بمليارات اليوروهات.. إيطاليا في مرمى انتقادات الاتحاد الأوروبي بسبب الانبعاثات
تواجه إيطاليا تهديدًا بغرامة مالية ضخمة قد تتجاوز 25 مليار يورو، بعد أن أطلقت المفوضية الأوروبية إجراءات انتهاك ضدها بسبب إخفاقها في الالتزام بأهداف خفض الانبعاثات المناخية التي حددها الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت تسعى فيه بروكسل إلى تشديد الرقابة البيئية لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة، تجد حكومة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني نفسها أمام تحدٍّ بالغ الخطورة، إذ إن عدم اتخاذ إجراءات عاجلة قد يجر البلاد نحو عواقب مالية وقانونية وخيمة.
انبعاثات خارجة عن السيطرة
تكمن جذور الأزمة في عدم امتثال إيطاليا للائحة الأوروبية لتقاسم الجهود (Effort Sharing Regulation)، والتي تلزم الدول الأعضاء بخفض الانبعاثات في قطاعات لا تشملها سوق الكربون الأوروبية، مثل النقل والمباني والزراعة والنفايات.
وبحسب بيانات المفوضية الأوروبية، تجاوزت الانبعاثات الإيطالية في عام 2021 الحد المسموح به والبالغ 266.8 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، بفارق نحو 3 ملايين طن.
وتفاقم الوضع في عام 2022، ما يعكس تراجعًا في الأداء البيئي رغم الالتزامات المعلنة في المؤتمرات الدولية.
وتحمّل بروكسل الحكومة الإيطالية مسؤولية عدم اتخاذ التدابير اللازمة، خصوصًا في قطاعي النقل والبناء. كما أشارت إلى أن روما لم تستفد من إمكانية شراء أرصدة انبعاثات من دول أخرى مثل السويد أو لوكسمبورغ، التي حققت فائضًا في خفض الانبعاثات، كما تسمح بذلك اللوائح الأوروبية.
خطر الغرامة قائم
الإجراء الذي أطلقته المفوضية يمثل المرحلة الأولى في مسار قد ينتهي بعرض القضية على محكمة العدل الأوروبية، وفي حال عدم تعاون إيطاليا أو تقاعسها عن اتخاذ إجراءات فعالة، قد تُفرض عليها غرامة ضخمة.
وتشير تقديرات أولية إلى أن الغرامة قد تتجاوز 25 مليار يورو عن الفترة من 2021 إلى 2023 فقط، مع احتمال ارتفاعها في حال استمرار الاتجاه السلبي، خصوصًا وأن الهدف المقرر لعام 2030 هو خفض الانبعاثات بنسبة 43.7% مقارنة بمستويات عام 2005، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل المعطيات الحالية.
تقصير في استخدام أموال التعافي
اللافت أن جزءًا من أموال “الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود” (PNRR) كان مخصصًا أصلاً لدعم التحول البيئي وخفض الانبعاثات، غير أن تأخر التنفيذ، وتعديل أو تأجيل المشاريع، وضعف التنسيق بين مختلف المستويات الحكومية، كلها عوامل أدت إلى تقويض الأثر المتوقع لتلك الاستثمارات.
خطوات عاجلة مطلوبة
أمام هذا الوضع الحرج، يتعين على الحكومة الإيطالية التحرك بشكل فوري. وقد يكون شراء أرصدة انبعاثات من دول أخرى إجراءً مؤقتًا، لكنه لن يعالج جذور المشكلة.
وتشمل الخطوات الأكثر إلحاحًا:
تعزيز النقل العام واستخدام المركبات الكهربائية؛
تسريع وتيرة كفاءة الطاقة في المباني العامة والخاصة؛
اعتماد ممارسات زراعية مستدامة؛
تحسين إدارة النفايات وزيادة نسب الجمع المنفصل.
كما دعا بعض الخبراء إلى إصلاح النظام الضريبي ليشجع السلوكيات البيئية الإيجابية ويعاقب الأنشطة المضرة، مع ضرورة وجود تنسيق مركزي فعّال بين الحكومة المركزية والمناطق والبلديات.
سمعة إيطاليا على المحك
لا يقتصر الخطر على العقوبة المالية فحسب، بل يمتد إلى سمعة إيطاليا داخل الاتحاد الأوروبي، ما قد يؤثر سلبًا على قدرتها التفاوضية في الملفات المستقبلية، خاصة مع بدء تنفيذ “الميثاق الأخضر الأوروبي الجديد”.
ومع تصاعد أزمة المناخ، فإن تجاهل التحذيرات الأوروبية لا يعني فقط تعريض المالية العامة لمخاطر كبيرة، بل أيضًا تقويض صحة المواطنين ومستقبل الأجيال القادمة.
التعليقات متوقفه