ترامب يستأنف الحوار مع طالبان: واشنطن تسعى لإعادة النفوذ في أفغانستان
بعد أكثر من خمس سنوات على الاتفاق الذي أدى إلى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، يعيد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إحياء خيوط المفاوضات التي انقطعت في الدوحة.
هذه المرة، تدور المحادثات في كابول، حيث استعادت طالبان السيطرة على البلاد في 15 أغسطس 2021، إثر اتفاقها مع واشنطن، والذي تم توقيعه في العاصمة القطرية دون إشراك الحكومة الأفغانية السابقة، ما سرّع من انهيار الجمهورية.
في خطوة لافتة، أرسل ترامب مبعوث الرهائن، آدم بوهلر، إلى أفغانستان للتفاوض على إطلاق سراح المواطن الأمريكي جورج جليزمان، البالغ من العمر 66 عامًا، والذي اعتقل عام 2022 أثناء زيارته للبلاد كسائح.
وبعد اجتماع بين بوهلر ووزير الخارجية في حكومة طالبان، أمير خان متقي، تم الإفراج عن جليزمان، لينقل إلى الولايات المتحدة عبر قطر، التي لعبت دور الوسيط في المحادثات الأخيرة. واعتبر متقي هذه الخطوة “إشارة على الانفتاح على المجتمع الدولي، وخصوصًا الولايات المتحدة”، وفقًا لما نشره عبر منصة X.
طالبان بين الحاجة للاعتراف والصراع الداخلي
منذ عودتها إلى الحكم، تسعى طالبان للحصول على اعتراف دولي، ليس فقط لتحسين صورتها، ولكن لاستعادة الأصول الأفغانية المجمدة في البنوك الأمريكية، والتي تُقدر بنحو 3.5 مليار دولار.
وفي حين قدمت الأمم المتحدة مساعدات إنسانية تقدر بـ7 مليارات دولار خلال العام الماضي، فإن طالبان تحتاج إلى السيولة لإنهاء حالة السخط الشعبي المتزايد بسبب القيود الصارمة المفروضة على النساء والحريات الشخصية.
لكن الانقسام داخل الحركة أصبح أكثر وضوحًا، حيث يحتدم الصراع بين جناح الزعيم الأعلى، هيبة الله أخوندزاده، المعروف بتشدده، وعشيرة حقاني، التي تتمتع بنهج أكثر براغماتية رغم تطرفها. وسط هذه الأوضاع، قد تكون عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرصة لطالبان لإعادة تموضعها دوليًا، مستغلة سياسة “أمريكا أولًا” التي ينتهجها الرئيس السابق لتحقيق مكاسب جديدة.
مكاسب متبادلة وصفقات خلف الكواليس
لم تكن هذه المرة الأولى التي تنخرط فيها واشنطن في صفقات تبادل أسرى مع طالبان. ففي يناير الماضي، قبل ساعات من مغادرته الرئاسة، حصل الرئيس جو بايدن على إطلاق سراح مواطنين أمريكيين، ريان كوربيت وويليام ماكينتي، مقابل الإفراج عن خان محمد، الذي كان محتجزًا في الولايات المتحدة بتهم تتعلق بإرهاب المخدرات.
إلا أن طالبان احتفظت بجورج جليزمان كورقة ضغط، في انتظار لحظة مناسبة للتفاوض. بالتزامن مع هذه التحركات، تمضي الحركة في سياساتها الداخلية المثيرة للجدل، حيث أصدرت مؤخرًا مرسومًا تفكيكيًا لوزارة التعليم، مما قد يؤدي إلى خسارة مليارات الدولارات من تمويل الطلاب الفقراء.
البُعد الصيني في معادلة أفغانستان
تمتد الأهمية الاستراتيجية لأفغانستان إلى ما هو أبعد من واشنطن، إذ تزايد النفوذ الصيني في البلاد منذ سقوط الحكومة السابقة. فقد قدمت بكين استثمارات ضخمة لدعم طالبان مقابل الحصول على امتيازات في قطاع المعادن النادرة، التي تُعتبر ثروة استراتيجية حيوية للصناعات التكنولوجية والعسكرية.
هذه المصالح قد تجعل أفغانستان ساحة جديدة للتنافس بين واشنطن وبكين، وهو أمر يدركه ترامب جيدًا، حيث يمكن أن تصبح كابول إحدى جبهات الضغط الأمريكية ضد الصين، تمامًا كما هو الحال مع أوكرانيا.
مع هذه التطورات، تبقى التساؤلات مفتوحة: هل ستتمكن طالبان من استغلال عودة ترامب لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية؟ وهل ستشهد أفغانستان مرحلة جديدة من التنافس الدولي على النفوذ؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.
اقرأ أيضا:
طالبان: من النشأة إلى السيطرة المطلقة على أفغانستان
بأمر من المرشد الأعلى: طالبان تحظر النوافذ للحفاظ على خصوصية النساء
التعليقات متوقفه