عبدالله منتصر
تتساقط الأقنعة وتظهر الوجوه الحقيقية فيما تحاول مصر تطهير مؤسساتها من الفاسدين وقضايا الفساد التي توغلت منذ سنوات مضت، حيث استطاعت الرقابة الإدارية والأجهزة المختصة من كشف قضية فساد كبري داخل أروقة وزارة الصحة، والإيقاع بأطراف القضية والإعلان عن تفاصيلها أمام الرأي العام.
كان قد انتهي العام 2021 قبل ايام ولم يسدل الستار علي قضية فساد وزارة الصحة، والتي تجمع محمد الأشهب “طليق وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد” مع متهمين آخرين توسطوا في اعادة فتح مستشفيين خاصين واستعمال النفوذ للعلاقات التي تربط طليق الوزيرة واستغلال النفوذ مقابل رشوة كبري.
هذا وقد تم الإعلان قبل ايام عن أطراف القضية ونشر بعض المواقع الصحفية أمر الإحالة التي قيدت برقم “2284 لعام 2021 حصر أمن دولة عليا” والإعلان عن اسماء المحالين فيها حيث تضمنت، محمد عبدالمجيد محمد حسين الأشهب 58 عاما “أخصائي بشركة مصر للتأمين علي الحياة- طليق الوزيرة” والسيد عطيه الفيومي59عاما “طبيب ومالك مستشفي” وحسام الدين فودة “بالمعاش” ومحمد أحمد بحيري50 عاما “مدير عام الإدارة العامة للتراخيص بالإدارة العامة للمؤسسات العلاجية” بينما تم تبرأة الدكتورة هالة زايد “وزيرة الصحة السابقة” من الأنباء التي تم تداولها علي مواقع التواصل الإجتماعي من اشتراكها في قضية الفساد، وأن طليقها قد استغل اسمها في الحصول علي الرشوة التي قدرها بخمسة ملايين جنيها.
واستمرت التحقيقات حيث أمر المستشار حمادة الصاوي “النائب العام” في 29 من ديسمبر الماضي، بإحالة اربعة متهمين الي المحاكمة الجنائية، ليس من بينهم الوزيرة، وذلك لاتهام محمد الأشهب “طليق الوزيرة” بطلب مبلغ خمسة ملايين جنيها، استلم منهم 600 ألف جنيه، علي سبيل الرشوة من مالكي احدي المستشفيات الخاصة، بوساطة متهمين آخرين، لاستعمال نفوذه في الحصول من مسؤولين بوزارة الصحة علي قرارات ومزايا تتعلق بعدم تنفيذ قرار غلق المستشفي لإدارته بغير ترخيص، اضافة الي اعداد تقرير مزور يثبت علي خلاف الحقيقة عدم وجود مخالفات بها، كما أُسند للمتهم الرابع ارتكابه ذلك التزوير.
كما ذكرت التحقيقات بأن صلاح قاسم “طبيب في مجموعة استثمار طيبة” بالشراكة مع احمد البدوي وآخرين بمستشفي دار الصحة، وأنه في أعقاب تأسيس المستشفي حاولوا استخراج الترخيص اللازم لتشغيلها من إدارة المؤسسات العلاجية غير الحكومية “العلاج الحر” بوزارة الصحة والسكان، حيث قامت الوزارة بتشكيل لجنة من هذه الإدارة برئاسة المتهم الرابع محمد بحيري، مدير عام الإدارة العامة للتراخيص الطبية بالإدارة العامة للمؤسسات الطبية غير الحكومية، لمعاينة المستشفى للتأكد من عدم وجود مخالفات تحول دون صدور ترخيص لتشغيلها.
أيضا فقد أوضحت التحقيقات بأن التقرير انتهي في يونيو الماضي لعدم الموافقة علي منح ترخيص التشغيل لوجود عدة مخالفات، منها إنشاء قسم الرعاية المركزة والطوارئ بالطابق أسفل الأرضي وأوصي لنقله إلي طابق علوي، وعقبها تشكيل لجنة أخري انتهي تقريرها إلي ما أسفر عنه سابقتها.
من جهتها قد ادلت جيهان فؤاد “مدير إدارة العلاج الحر في منطقة القاهرة الجديدة” بشهادتها حول تشغيل المستشفي بدون ترخيص اتها اصدرت قرارا بغلقها مؤجلا التنفيذ الي ان يتم اخلاءها من المرضي، اضافة الي ابداء صلاح قاسم رغبته في استصدار رخصة التشغيل.
وبينت التحقيقات ان قرابة تجمع صلاح قاسم بالشاهد الثالث محمد أحمد، وأنه أبلغه برغبته في تشغيل المستشفي حيث قام بترتيب التعارف بينه والمتهم الثالث حسام الدين، الذي أعلمه خلال لقاء جمعهم سويا بعلاقته بالمتهم محمد عبد المجيد الأشهب “طليق الوزيرة” وبذل نفوذه علي المسئولين بوزارة الصحة.
وأشارت التحقيقات الي أن أصحاب المستشفي الخاص أعلموا طليق وزيرة الصحة السابقة بقرار إغلاق المستشفي وطلبوا وقف تنفيذ القرار واستصدار رخصة تشغيل المستشفي وشهادة جودة له، فطمأنهم ووعدهم بإنهاء الأمر مقابل خمسة ملايين جنيها علي سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه لدي المسؤولين بوزارة الصحة، علي أن يتسلم المبلغ علي دفعتين، الأول بمبلغ 3 ملايين جنيه يتقاضاها حال إصدار رخصة التشغيل، والثانية 2 مليون يأخذها عقب إصدار شهادة الجودة.
يذكر أن النيابة العامة كانت قد اقامت الدليل بالدعوي من خلال 13 شاهدا من بينهم مالكا المستشفي اللذان أبلغا هيئة الرقابة الإدارية بواقعة الرشوة فور طلبها حيث قاما بإبلاغ النيابة العامة التي اعطتهما الإذن بمسايرة المرتشي الي ان يتم ضبطه، اضافة الي اعترافات المتهمان اللذين قاما بالتوسط في الرشوة وفحص الهواتف النقالة الخاصة بالمتهمين وما ثبت بها من مراسلات أكدت ارتكاب الواقعة، وكذا اطلاع النيابة العامة على جميع تقارير المعاينة الخاصة بالمستشفى الصحيحة منها والمزورة، والاطلاع علي مستندات بنكية تثبت واقعة تقديم مبلغ الرشوة، ووفقا لمواد الرشوة الواردة بقانون العقوبات فإنه من المتوقع أن يواجه المتهمين حكما بالسجن المؤبد وغرامة تتراوح ما بين “1000 جنيها” إلي “خمسة ملايين جنيه”، إذا ثبت تورطهم في القضية المذكورة.
الجدير بالذكر ان المادة 103 من قانون العقوبات تنص على أن كل موظف عمومي طلب لنفسه، أو لغيره، أو قبل، أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشيا ويعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ما أعطى أو وعد به، فيما أوضحت المادة 107 مكرر من ذات القانون أن هناك حالة يعفي فيها الراشي والوسيط في قضايا الرشوة، حيث نصت المادة أن يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها”.
ونصت المادة 108 من قانون العقوبات، علي أنه إذا كان الغرض من الرشوة، ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون، بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشي والمرتشي، والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل مع الغرامة المقررة للرشوة، ويعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة طبقا لنص الفقرة الأخيرة من المادة 48 من ذات القانون.
ولا تزال قضايا الفساد تنهش في الوطن بأيدي ضعاف النفوس، حيث لا فرق بين مواطن ومسؤول في مثل هذه القضايا، بينما تقف هية الرقابة الإدارية لهم بالمرصاد في محاولة لوأد الفساد والقضاء علي المفسدين من خلال مواطنين شرفاء لا يقبلون خيانة عملهم ووطنهم، وقبل كل هذا لا يقبلون خيانة أنفسهم بالحياد عن ما هو صواب.