بعد مقتل 27 جنديًا.. جنوب السودان يدخل مرحلة الخطر السياسي والعسكري
جنوب السودان على حافة الحرب الأهلية مجددًا وسط تصاعد التوترات السياسية والعسكرية
كتبت:بريجيت محمد
يواجه جنوب السودان خطر الانزلاق مجددًا إلى أتون حرب أهلية، بعد 14 عامًا فقط من استقلاله، إذ يبدو أن الخلاف بين الرئيس سلفا كير ونائبه ريك مشار بلغ مرحلة حرجة لا يمكن التوفيق فيها.
وعلى عكس الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 2013 و2018، فإن التصعيد الحالي يحمل في طياته تداعيات إقليمية محتملة قد تمتد إلى دول الجوار.
تصاعد الصراع بين كير ومشار
الصراع بين كير ومشار ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو انعكاس لصراع عرقي طويل الأمد. فالرئيس كير يمثل قبيلة الدينكا، وهي الأغلبية في البلاد، بينما ينتمي مشار إلى قبيلة النوير. ورغم فترات التهدئة منذ اتفاق السلام عام 2018، إلا أن التوترات المتقطعة ظلت تشتعل بين مؤيدي الطرفين، خاصة في ولاية أعالي النيل، حيث تتمركز قوات تابعة لمشار في منطقة ناصر.
شهدت هذه المنطقة في 4 مارس/آذار تطورًا خطيرًا، عندما قامت ميليشيا “الجيش الأبيض”، التابعة للنوير، بالسيطرة على ناصر وقتلت 27 جنديًا من الجيش الحكومي، وفقًا لبيانات الحكومة المركزية.
واعتبر كير أن هذه الميليشيا جزء من قوات مشار، ما دفعه إلى إقالة عدد من المسؤولين الموالين لنائبه في الحكومة والبرلمان، كما شنّت القوات الحكومية غارة على ناصر أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين.
هذه الخطوات قد تؤدي إلى دوامة من التصعيد المتبادل، وهو ما دفع دولًا مثل ألمانيا والولايات المتحدة إلى إغلاق سفارتيهما في العاصمة جوبا.
انعكاسات إقليمية للصراع

ولا تقتصر المخاوف على حدود جنوب السودان، إذ إن النزاع قد يتداخل مع الحرب المستمرة في السودان، خاصة بعد تقارير عن اشتباكات على الحدود بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) والجيش السوداني النظامي.
وتشير مصادر محلية إلى أن قوات الدعم السريع قد توغلت في جنوب السودان لمنع وصول شحنات أسلحة إلى مقاتلي النوير، وهو ما قد يؤدي إلى تحالفات جديدة في المنطقة، حيث قد تجد قوات الدعم السريع نفسها إلى جانب حكومة كير، بينما يتحالف مشار والجيش الأبيض مع الجيش السوداني.
دور أوغندا في الأزمة
لا تقتصر التدخلات الخارجية على السودان، فقد أكدت أوغندا رسميًا إرسال قوات خاصة إلى جوبا في 11 مارس/آذار، بزعم الحفاظ على الأمن والاستقرار في جنوب السودان. ورغم نفي سلطات جوبا لهذه التقارير، إلا أن مصادر استخباراتية تشير إلى أن القوات الأوغندية كانت موجودة بالفعل في جنوب البلاد منذ سبتمبر الماضي.
يبدو أن أوغندا تسعى إلى حماية مصالحها الاستراتيجية ومنع تصدير الفوضى إلى أراضيها، لكنها قد تستغل الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة. ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال: هل يتجه جنوب السودان نحو حرب أهلية جديدة، أم أن هناك فرصة أخيرة لإنقاذ البلاد من السقوط في هاوية الصراع مجددًا؟
اقرأ أيضا:
جنوب السودان على صفيح ساخن.. وألمانيا تعلق عمل بعثتها الدبلوماسية
“السودان: مئات الأسر تهرب من القتال في ولاية سنار”
التعليقات متوقفه